ارتجَّ له العسكران، فسقط يخور بدمه كالثور، وارتفعت غبرة حالت بينهما وبين الجيشين.
علىٰ أنَّ هناك رواية أُخرىٰ (١) تذهب إلىٰ أن الامام ضرب عمراً علىٰ ساقيه فقطعهما جميعاً، فسقط الى الأرض، فأخذ عليٌّ عليهالسلام بلحيته وذبحه، وأخذ رأسه بيده هدية إلىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، وأقبل والدماء تسيل علىٰ وجهه من ضربة عمرو، ورأس عمرو بيده يقطر دماً، وكان وجه علي عليهالسلام يتهلَّل فرحاً، فألقاها بين يدي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم، فقام أبو بكر وعمر فقبّلا رأس عليٍّ عليهالسلام، فعانقه الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم، ودعا له، فقال عمر بن الخطَّاب لعليٍّ عليهالسلام : هلا استلبت درعه، فليس للعرب درع خير منها؛ فقال عليٌّ : « ضربته فاتَّقاني بسوأته فاستحييت أن أسلبه ».
وعلىٰ أيِّ حال فقد علت أصوات المسلمين بالتكبير، بعد أن أصابهم الخوف في بادئ الأمر، وانهزم الذين كانوا مع عمرو بن عبد ودٍّ، واقتحمت خيولهم الخندق، وكبا بنوفل بن عبدالله بن المغيرة فرسه، فجعلوا يرمونه بالحجارة، فقال لهم : قتلة أجمل من هذه، ينزل إليَّ بعضكم أقاتله، فنزل إليه عليٌّ عليهالسلام فضربه حتَّىٰ قتله، وبعث الله عليهم ريحاً في ليالٍ شاتية شديدة البرد، فجعلت تكفأ قدورهم وتطرح أبنيتهم، فانصرفوا هاربين لا يلوون علىٰ شيء، حتَّىٰ ركب أبو سفيان ناقته وهي معقوله! فلمَّا بلغ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم الله ذلك : قال : « عوجل الشيخ ».
وعن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في قتل عليٍّ عليهالسلام لعمرو : « لضربة عليٍّ يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين ».
_______________________
١) ارشاد القلوب ٢ : ٢١٨.