ـ رأس النفاق ـ بثلث الجيش قائلاً : علامَ نقتل أنفسنا؟! ارجعوا أيُّها الناس، فرجع وبقيَ مع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم سبعمائة.
ومضىٰ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بجيشه البالغ سبعمائة رجلٍ حتىٰ بلغ أُحداً، فأعدَّ أصحابه للقتال، ووضع تخطيطاً سليماً للمعركة ليضمن لهم النصر بإذن الله، ثُم جعل أُحداً خلف ظهره، فجعل الرماة علىٰ جبل خلف عسكر المسلمين وهم خمسون رجلاً، وأمَّر عليهم عبدالله بن جبير، وقال لهم : « احموا ظهورنا ولا تفارقوا مكانكم، فإن رأيتمونا نُقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا نغنم فلا تشاركونا، فإنَّما نؤتىٰ من موضعكم هذا » (١).
ولمَّا التحمت المعركة تقدَّم طلحة بن أبي طلحة ـ وكان يدعىٰ كبش الكتيبة ـ وصاح : من يبارز؛ فخرج إليه عليٌّ عليهالسلام، وبرزا بين الصفَّين، ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جالس في عريش أُعدَّ له يشرف علىٰ المعركة ويراقب سيرها، فقال طلحة : مَنْ أنت؟ قال : « أنا عليُّ بن أبي طالب » فقال : لقد علمت أنَّه لا يجرؤ عليَّ أحدٌ غيرك، فالتحمت سيوفهم، فضرب عليٌّ عليهالسلام رأس عتبة ضربة فلق فيها هامته، فبدرت عيناه وصاح صيحة لم يُسمع مثلها، وسقط اللواء من يده، ووقع يخور في دمه كالثور، وقيل : ضربه فقطع رجله، فسقط وانكشفت عورته، فناشده الله والرحم فتركه (٢).
فكبَّر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم والمسلمون، وتقدَّم بعده أخوه عُثمان بن أبي طلحة، فحمل عليه حمزة بن عبدالمطَّلب، فضربه بسيفه ضربةً كانت بها نهايته، ورجع عنه يقول : أنا ابن ساقي الحجيج.
_______________________
١) انظر : الطبقات الكبرى ٢ : ٣٠، الكامل في التاريخ ٢ : ٤٧، الارشاد ١ : ٨٠ باختلاف.
٢) انظر الكامل في التاريخ ٢ : ٤٧.