فلمَّا كانت العتمة اجتمعوا علىٰ بابه يرصدونه، وودَّع رسول الله عليَّ ابن أبي طالب عليهالسلام ، وأمره أن يؤدِّي ما عنده من وديعة وأمانة إلىٰ أهلها ويلحق به.
وفي بعض الروايات : أنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج فأخذ حفنةً من تراب، فجعله علىٰ رؤوسهم، وهو يتلو هذه الآيات من ( يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) إلىٰ قوله : ( فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ) (١). ثمَّ انصرف فلم يروه (٢).
هكذا، فإنّ القوم أحاطوا بالدار، وهم من فتيان قريش الاشداء، وجعلوا يرصدونه ليتأكَّدوا من وجوده، فرأوا رجلاً قد نام في فراشه التحف ببرد له أخضر.
أمَّا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقد خرج في الثلث الأخير من الليل من الدار، وكان قد اختبأ في مكان منها، وانطلق جنوباً إلىٰ غار ثور، وكمن فيه ومعه أبو بكر، فأقاما فيه ثلاثاً.
ولمَّا حان الوقت الذي عيَّنوه لهجومهم علىٰ الدار، هجموا عليها، فوثب عليٌّ عليهالسلام من فراشه، ففرُّوا بين يديه حين عرفوه..
وفي بعض الروايات أنَّهم قبل هجومهم عليه جعلوا يقذفونه بالحجارة وهو ساكن لا يتحرَّك ولا يبالي بما يصيبه من الأذىٰ، ثُمَّ هجموا عليه بسيوفهم وخالد بن الوليد في مقدمهم، فوثب علي عليهالسلام من فراشه وهمزه بيده، ففرَّ خالد واستطاع علي عليهالسلام أنَّ يأخذ السيف منه، فشدَّ عليهم
_______________________
١) سورة يس : ١ ـ ٩.
٢) الكامل في التاريخ ٢ : ٤.