أبو طالب، ولم يعد
بمكَّة من تهابه قريش وترعىٰ له حرمة.. فخرج صلوات الله عليه إلىٰ الطائف، وهذه أول رحلة قام بها من مكَّة للدعوة إلىٰ الإسلام، فعمد إلىٰ ثقيف يطلب منها النصر، لكنَّها رفضت أن تسمع له، ولم تكتفِ بذلك، بل أرسلت صبيانها يرشقوه بالحجارة، حتىٰ أُدميت قدماه الشريفتان، كما أُصيب علي وزيد بن حارثة، حيث كانا معه في تلك الرحلة، وعليٌّ يتلقَّىٰ الأحجار بيديه وصدره حتَّىٰ أُثخن
بالجراح، فكان رسول الله يقول : «
ما كنت أرفع قدماً ولا أضعها إلَّا علىٰ حجر » !
وبذلك قرَّروا الرجوع إلىٰ مكَّة؛
فكلابها أهون من وحوش البراري! رجع يائساً من ثقيف وأحلافها، واستطاع الدخول إلىٰ مكَّة بإجارة المطعم بن عدي له.
وحينما خافت قريش أن يقوىٰ ساعده ـ
ويصبح له أنصاراً جدداً، وحذروا من خروجه سيّما بعد أن أذن لأصحابه بالهجرة إلىٰ يثرب ـ اجتمعت في دار الندوة، وتشاوروا في أمره وأعدُّوا العدَّة للقضاء عليه قبل فوات الأوان، فقالوا : ليس له اليوم أحد ينصره وقد مات عمُّه!
وكان اجتماعهم هذا قبيل شهر ربيع الأول
عام ٦٣٣ م، عام الهجرة، وبعد أن أعطىٰ كلُّ واحد منهم رأيه، قال أبو جهل : أرىٰ أن نأخذ من
كلِّ قبيلة فتىً نسيباً ونعطي كلَّ فتىً منهم سيفاً، ثُمَّ يضربونه ضربة رجل واحد فيقتلونه، كي لا يتحمَّل قتله فرد ولا قبيلة وحدها، بل يتفرق دمه في
_______________________