الفريق الأول : فريق أظهر كلَّ ما كان يخفيه من نفاق وسعىٰ إلىٰ إثارة الفتنة، يقابله فريق آخر لم يظهر الحقَّ بكلِّ ما يملك من قدرة..
فأمَّا الفريق الأول فهم الكائدون للإسلام، أولهم وعلىٰ رأسهم أبو سفيان الذي قدم علىٰ أمير المؤمنين عليهالسلام يحرِّضه من مناجزة القوم الذين كانوا مع أبي بكر، فيقول له : والله لئن شئت لأملأنَّها عليه خيلاً ورَجِلاً. فردَّه عليهالسلام : « والله إنَّك ما أردت بهذه إلَّا الفتنة، وإنَّك والله طالما بغيت للإسلام شرَّاً، لا حاجة لنا في نصيحتك » (١).
ومن هذا القسم أيضاً مسلمو الفتح : ـ الطلقاء، والمؤلَّفة قلوبهم ـ وكان في طليعتهم : سهيل بن عمرو، والحارث بن هشام، وعكرمة بن أبي جهل، والوليد بن عقبة بن أبي معيط، سعوا في الفتنة أيضاً، يحرِّضون قريشاً علىٰ الأنصار لهتافهم باسم عليٍّ، يريدون إلزامهم بتجديد البيعة وإلَّا فليقتلوهم!
وظهر أبو سفيان مرَّة أُخرىٰ قائلاً : يا معشر قريش، إنَّه ليس للأنصار أن يتفضَّلوا علىٰ الناس، حتىٰ يُقرُّوا بفضلنا عليهم.. وأيم الله لئن بطروا المعيشة، وكفروا النعمة، لنضربنّهم علىٰ الإسلام كما ضربونا عليه!
ولم يذكر لنا التاريخ في هذه الحوادث موقفاً إيجابياً واحداً لأبي بكر أو عمر لردع الفتن!
هؤلاء هم الذين طالما كادوا للإسلام بسيوفهم عشرين عاماً أو تزيد فدخلوا الإسلام عنوةً، فلمَّا لم يجدوا بدَّاً من الكيد بأيديهم كادوه بألسنتهم.
_______________________
١) تاريخ الطبري ٣ : ٢٠٩، الكامل في التاريخ ٢ : ١٨٩.