رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (١).
فلمّا نزل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بغدير خُمٍّ، ونزل المسلمون حوله، أمر بدوحات فقُمِمْنَ، وكان يوماً شديد الحرِّ، حتَّىٰ قيل : إنَّ أكثرهم ليلفُّ رداءه علىٰ قدميه من شدَّة الرمضاء، وصعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علىٰ مكان مرتفع، فردّ من سبقه، ولحقه من تخلَّف، وقام خطيباً، ثُمَّ قال : « ألست أولىٰ بالمؤمنين من أنفسهم؟ » قالوا : بلىٰ يا رسول الله. فأخذ بيد عليٍّ فرفعها، حتَّىٰ بان بياض ابطيه، وقال : « من كنت مولاه فهذا عليٌّ مولاه، اللَّهمَّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله ».
وقد ورد هذا الحديث في الكثير من كتب السيرة والتاريخ وكتب الحديث ايضاً وغيرها (٢) بصيغ متعدِّدة، تثبت أحقِّية الإمام عليٍّ عليهالسلام بالإمامة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم، وهو من أشهر النصوص علىٰ خلافته رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وبعد أن نزل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم صلَّىٰ ركعتين، ثُمَّ زالت الشمس فأذَّن مؤذنه لصلاة الظهر، فصلَّىٰ بالناس وجلس في خيمته، وأمر عليَّاً عليهالسلام أن يجلس في خيمة له بإزائه، ثُمَّ أمر المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً
_______________________
١) إعلام الورىٰ ١ : ٢٦١، والآية من سورة المائدة ٥ : ٦٧، وقصة نزولها في علي عليهالسلام في غدير خم رواها كثير من المفسرين، منهم : الواحدي / اسباب النزول : ١١٥، السيوطي / الدر المنثور ٢ : ٣٩٨، الشوكاني / فتح الغدير ٢ : ٦٠.
٢) انظر : خصائص أمير المؤمنين / الحافظ النسائي : ٢١ ـ ٢٢ مطبعة التقدُّم بالقاهرة، وقد ذكر في حديث الغدير اسانيد عديدة وطرق شتَّىٰ وألفاظ مختلفة، بلغت تسع عشرة رواية، مسند أحمد ١ : ١١٩ من طريقين، ١٥٢، ٤ : ٢٨١، ٣٧٠، ٣٧٢، وسنن ابن ماجة ١ : ٤٣ / ١١٦، والمستدرك ٣ : ١٠٩ ـ ١٠، والبداية والنهاية ٥ : ٢٠٨، الفصل الاخير من سنة ١٠ هـ.