قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التفسير الأثري الجامع [ ج ٢ ]

التفسير الأثري الجامع [ ج ٢ ]

320/560
*

فالتدبير في السماء ثمّ التنزيل إلى الأرض (وَما نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ)(١). (تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ)(٢). ومن ثمّ تعقّب الآية بقوله تعالى : (وَما كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غافِلِينَ).

قال العلّامة الطباطبائي : أي لستم بمنقطعين عنّا ولا بمعزل عن مراقبتنا وتدبيرنا لشؤونكم ، فهذه الطرائق السبع إنّما جعلت ليستطرقها رسل ربّكم في التقدير والتدبير والتنزيل (٣).

٣ ـ (وَالسَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ)

ماذا يعني بذات الحبك؟

الحبك : جمع الحبيكة بمعنى الطريقة المتّخذة. قال الراغب : فمنهم من تصوّر منها الطرائق المحسوسة بالنجوم والمجرّات ، ومنهم من اعتبر ذلك بما فيه من الطرائق المعقولة المدركة بالبصيرة.

والحبك : المنعطفات على وجه الماء الصافي تحصل على أثر هبوب الرياح الخفيفة. وهي تكسّرات على وجه الماء كتجعّدات الشعر. ويقال للشعر المجعّد : حبك والواحد حباك وحبيكة. قاله الشيخ أبو جعفر الطوسي في التبيان.

من ذلك قول زهير يصف روضة :

مكلّل باصول النجم تنسجه

ريح خريق لضاحي مائه حبك

مراده بالنجم ، النبات الناعم. وشبّه تربية الرياح له بالنسج ، كأنّه إكليل (تاج مزيّن بالجواهر) نسجته الريح. ووصف الريح بالخريق ، وهو العاصف.

ثمّ وصف ضاحي مائه ـ وهو الصافي الزلال ـ بأنّ على وجهه قسمات وتعاريج على أثر مهبّ الرياح عليه ، وهو منظر بهيج.

فعلى احتمال إرادة التعرّجات المتأرجحة من الآية ، فهي إشارة إلى تلكم التعرّجات النوريّة الّتي تجلّل كبد السماء زينة لها وبهجة للناظرين ، فسبحان الصانع العظيم!

٤ ـ (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً)(٤)

في هذه الآية توجّه الخطاب إلى عامّة الناس ولا سيّما الامم السالفة الجاهلة حيث لا يعرفون

__________________

(١) مريم ١٩ : ٦٤.

(٢) القدر ٩٧ : ٤.

(٣) راجع : الميزان ١٥ : ٢١.

(٤) نوح ٧١ : ١٥.