بعضا ، ويحارب ببعضهم بعضا حتى يذلّ أعداؤك كلهم ، ويصير أعزهم قبل ذلك أذلّهم. وكذلك تستحسن منه أن يفرق بين أعدائك المجتمعين على عداوتك ، المحاربين بجمعهم لك ، حتى يخذل بعضهم بعضا فيقف بعضهم عن حربك ، ويفترق جمعهم ، وتشتّت كلمتهم ، ويقلّ عددهم ، فكذلك يحل لك من عدو الله مثل ذلك ، فاسلك هذه المسالك فالأعمال بالنيات ، وأنت تعامل بارئ البريّات ، الّذي يعلم السّرّ وأخفى ، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصّدور ، وهو على ما يشاء قدير.
مسألة :
ونعتقد صدق الله عزوجل في وعده ووعيده
وفي ذلك فصول عدّتها خمسة عشر فصلا :
الفصل الأول : أنه لا بد لكل مخلوق من الحيوان
من الموت والفناء ، وإنه لا بد من فناء العالم كله وهلاكه
أما الموت : فهذا (١) معلوم ضرورة بالمشاهدة فيما حضرنا ، وبالأخبار المتواترة فيما غاب عنّا فيما مضى ، ومنتظر في المستقبل بالأدلة المعلومة قال تعالى : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ) [الأعراف : ٣٤] ، وقال : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر : ٣٠] ، وقال : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ) [الأنبياء : ٣٥] ونظائرها في القرآن كثير. وفي شدة الموت ما روي عن الحسن رحمهالله أنه قال : الموت أشد من ضرب ألف سيف يقعن جميعا ، وأشد من طبخ في القدور ، وقطع بالمناشير. وعن الحسن : إن الأنبياء
__________________
(١) في (ب) : فهو.