قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

اللّباب في علوم الكتاب [ ج ١٥ ]

87/615
*

العذاب؟ قال الله تعالى : (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ)(١).

قوله تعالى : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْناهُمْ سِنِينَ (٢٠٥) ثُمَّ جاءَهُمْ ما كانُوا يُوعَدُونَ (٢٠٦) ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ (٢٠٧) وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ (٢٠٨) ذِكْرى وَما كُنَّا ظالِمِينَ)(٢٠٩)

قوله : «أفرأيت» تقدم تحقيقه (٢) وقد تنازع «أفرأيت» و «جاءهم» في قوله : (ما كانُوا يُمَتَّعُونَ) فإن أعملت الثاني وهو «جاءهم» رفعت به (ما كانُوا) فاعلا به ، ومفعول «أرأيت» (٣) الأول ضميره ، ولكنه حذف ، والمفعول الثاني هو الجملة الاستفهامية في قوله (٤) : (ما أَغْنى عَنْهُمْ) ، ولا بدّ من رابط بين هذه الجملة وبين المفعول الأول المحذوف ، وهو مقدر تقديره : أفرأيت ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم تمتّعهم حين حلّ ، أي : الموعود به ، ودلّ على ذلك قوة الكلام.

وإن أعملت الأول نصبت به (ما كانُوا يُوعَدُونَ) وأضمرت في «جاءهم» ضميره فاعلا به ، والجملة الاستفهامية مفعول ثان أيضا ، والعائد مقدر على ما تقرر (٥) في الوجه قبله (٦) ، والشرط معترض ، وجوابه محذوف ، وهذا كله مفهوم مما تقدم في سورة الأنعام (٧) وإنما ذكرناه هنا لأنه تقدير (عسر يحتاج) (٨) إلى تأمل. وهذا كله إنما يتأتى على قولنا : «ما» (٩) استفهامية ، ولا يضير تفسيرهم لها بالنفي (١٠) ، فإن الاستفهام قد يرد بمعنى النفي. وأما إذا جعلتها نافية حرفا ، كما قاله أبو البقاء (١١) فلا يتأتى ذلك ، لأنّ مفعول «أرأيت» الثاني لا يكون إلا جملة استفهامية كما تقرر (١٢). قوله : (أَفَرَأَيْتَ إِنْ

__________________

(١) انظر البغوي ٦ / ٢٤٢.

(٢) في سورة الأنعام ، عند قوله تعالى : «قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» الآية (٤٠).

(٣) في ب : أفرأيت.

(٤) في ب : قولك. وهو تحريف.

(٥) في الأصل : ما تقدر.

(٦) انظر البحر المحيط ٧ / ٤٣.

(٧) عند قوله : «قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ» من الآية (٤٠). انظر اللباب ٣ / ٤١٣.

وذكر هناك في توجيه الإعراب مثلما ذكر هنا.

(٨) ما بين القوسين في ب : غير محتاج. وهو تحريف.

(٩) في ب : إن ما.

(١٠) في ب : بأن النافية.

(١١) فإنه قال : (قوله تعالى : «ما أَغْنى عَنْهُمْ» يجوز أن يكون استفهاما فتكون (ما) في موضع نصب ، وأن يكون نفيا ، أي : ما أغنى عنهم شيئا) التبيان ٢ / ١٠٠٢.

(١٢) قال سيبويه : (وتقول : أرأيتك زيدا أبو من هو ، وأرأيتك عمرا عندك هو أم عند فلان ، لا يحسن فيه إلا النصب في زيد ، ألا ترى أنك لو قلت : أريت أبو من أنت ، أو أرأيت أزيد ثم أم فلان ، لم يحسن ، لأن فيه معنى أخبرني عن زيد ، وهو الفعل الذي لا يستغنى السكوت على مفعوله الأول ، فدخول هذا المعنى فيه لم يجعله بمنزلة (أخبرني) في الاستغناء ، فعلى هذا أجري وصار الاستفهام في ـ