وأجاز عليه بعضهم في الأجسام ، وأصحاب الحلول إذا رأوا إنساناً يستحسنونه لم يدروا لعلّ آلهتهم فيه.
وأجاز كثير ممّن جوّز رؤيته في الدنيا ، مصافحته وملامسته ومزاورته إيّاه ، وقالوا إنّ المخلصين يعانقونه في الدنيا والآخرة إذا أرادوا ذلك ، حكي ذلك عن بعض أصحاب « مظهر » و « كهمس ».
وقال « ضرار » و « حفص الفرد » : إنّ الله لا يُرى بالأبصار ، ولكن يخلق لنا يوم القيامة حاسة سادسة ، غير حواسنا فندركه بها. (١)
يقول ابن حزم : إنّ الرؤية السعيدة ليست بالقوة الموضوعة في العين ، بل بقوة أُخرى موهوبة من الله. (٢)
هذه هي بعض الأقوال المطروحة في المسألة من جانب بعض أهل الحديث ، وليس ذلك بعجيب من أهل التجسيم ، وإنّما العجب ممّن يتجنب التجسيم ويعد نفسه من أهل التنزيه والبراءة من التشبيه ، ويقول ـ مع ذلك ـ بالرؤية ، كالأشاعرة عامة.
ولأجل ذلك ذهبت المعتزلة والإمامية والزيدية إلى امتناع رؤيته سبحانه في الدنيا والآخرة ، وقالوا بأنّ القول لا يفارق التجسيم والتشبيه ، كما ستقف عليه عند سرد براهينهم إن شاء الله.
وقد يدين بالرؤية أهل الكتاب قبل أهل الحديث والأشاعرة ، ووردت رؤيته في العهد القديم ، وإليك مقتطفات منها :
١ ـ « رأيت السيد جالساً على كرسي عال. فقلت : ويل لي لأنّ عينيّ قد رأتا الملك رب الجنود » ( أشعيا ج٦ ص ١ ـ ٦ ). والمقصود من السيد هو الله جلّ ذكره.
ــــــــــــــــــ
١ ـ مقالات الإسلامين : ٢٦١ ـ ٢٦٥و ٣١٤.
٢ ـ الفصل : ٣/٢.