القبول شرط اللزوم والملكيّة وتحقّق الهبة الشرعيّة ، دون إباحة التصرّف والاستطاعة العرفيّة.
ومنه يظهر ردّ ما قيل من أنّ الهبة موقوفة على القبول ، فهي اكتساب غير واجب ، بخلاف البذل ، فإنّه إباحة يكفي فيها الإيقاع (١) ، فإنّ الهبة متضمّنة للإباحة المتحقّقة بدون القبول أيضا قطعا وإن كان تحقق جزئها الآخر ـ وهو التملّك ـ موقوفا على الاكتساب ، مع أنّ عدم وجوب الاكتساب ـ الذي تحقّق قبله الاستطاعة العرفيّة ـ ممنوع ، وأيّ دليل عليه؟! فإنّ المسلّم عدم وجوب تحصيل الاستطاعة. وأمّا مع تحقّقها عرفا فيجب الاكتساب المتوقّف عليه الحجّ ، ولولاه لم يجب بيع المال لنفقة الحجّ ، ولا شراء عين الزاد والراحلة لمن يملك ثمنها ، فإنّ بعد تحقّق الاستطاعة يصير الواجب مطلقا ، وما يتوقف عليه مقدمة للواجب المطلق ، فيجب تحصيله.
ج : لو بذل له مالا ، أو وهبه له وأطلق ـ أي لم يقيّده بكونه للحجّ ـ فقيل : المشهور عدم وجوب القبول ، لكونه اكتسابا (٢). وجوابه قد مرّ ، مع أنّه لا فرق في ذلك بين الإطلاق والتقييد.
فالحقّ : وجوب الحجّ معه ، إلاّ أن لم يكن مستجمعا لسائر الشرائط حين البذل ولم يبذل حال الاستجماع ، كأن بذله قبل إمكان المسافرة.
د : لا يمنع الدين ـ ولو كان معجّلا ـ من وجوب الحجّ على تقدير البذل أو الهبة للحجّ ، وأمّا مع الإطلاق فيشترط في وجوب الحجّ عليه معيّنا توفية الدين أو رضى الدائن أو تأجيله ، والوجه ظاهر ، وكذا سائر ما يستثنى من الاستطاعة.
__________________
(١) قاله صاحب الرياض ١ : ٣٣٩.
(٢) قاله صاحب الرياض ١ : ٣٣٩.