الغافلين والنائمين في مراقد الغفلة والطبيعة والدنيا قرعا قويّا ، ويزعجها إزعاجا شديدا مهولا مخوفا ؛ كالتخويفات والانذارات الواقعة فيه بالمخوفات العاجلة والآجلة ، وذكر أسماء الغضب والجلال ووصف القدرة وبيان الوقائع الماضية المشتملة على ورود النقمة على الطوائف السالفة وغير ذلك ، وهي تقرع أسماعهم قرعا قويّا ، ويوقظهم لو كانوا أحياء سامعين ، ويزعجها لطلب النجاة من تلك الاهوال والمخاوف ، وطلب دار السلام ، وبرق وبشارات ، ومنافع عاجلة وآجلة ، وبيان رحمة ولطف ، وبيان ألطاف سابقة وضعت على الماضين وما يشمل ذلك ، وهدايات تظهر في عين الظلمات ، وتردع الظلمة عن اولئك المنافقين الواقعين فيها ؛ لكنّها لا تدوم ولا تثبت فيها ، وليسوا قابلين لها قبول تأثّر وانفعال ، فكأنّما برق تألق بالحمى ثمّ انثنى ، فكأنّما لم يرجع ، كما أنّ الرعد الواقع على تلك القلوب القاسية لم يسكن فيها ، ولم يحلّ بها ، بخلاف المؤمنين الّذين رسخت فيهم الانذار والتخويف والبشارة والهداية ، فخرج الحال لهم عن حال الرعد والبرق في انتفاء الثبات وغيره.
وكذا فيه صواعق وإنذارات قويّة يكاد يهلك بصوتها ونارها هؤلاء المنافقون من التخويفات البليغة الاخرويّة والدنيويّة الّتي هي أشدّ الصواعق عليهم ؛ إذ الدنيا هي معبودهم ومقصودهم وقبلة قلوبهم ، وهم يسدّون أسماعهم عن الاصاخة إلى الحقّ والهدى بأعمالهم الّتي يعملونها ويكتسبونها بأيديهم حتى لا يتأثر بتلك الانذارات القويّة ، ويحذرون أن يميتهم إمّا صورة لشدّة استيلاء الخوف عليهم المهلك لهم ظاهرا ، أو يميت نفوسهم المنافقة عن حياتها الخبيثة الشهوانيّة ، الّذي هو الموت الاراديّ قبل الموت الطبيعي ، الّذى يشير إليه ما ربّما يروى عنهم عليهمالسلام من قولهم عليهمالسلام : «موتوا قبل أن تموتوا» ، أو يقعوا في القتل بسبب الاطاعة الصوريّة ؛ كأوامر الجهاد وغيرها ممّا فيه تعريض النفس للموت ، فهم يمنعون