النفس في معانيها ، وتمام انصراف الفكر إليها ، فانّه غافل عن النقوش المكتوبة من حيث صفاتها ، بل هي عنده مرآة للمعاني. وقايسه بحال رجل من العوام يريد شراء كتاب ، فانّ نظره على النقوش من حيث صفاتها وأنحائها ، وكذلك المتوجّه إلى اللّفظ والحقيقة تارة متوجّه إلى أحدهما من حيث كونه شيئا ، وتارة من حيث كونه اسما وعلامة ومعرّفا ، فيكون متوجّها إلى المسمّى بالاسم لا إلى الاسم. ونظر الموحّدين إلى كلّ شيء من حيث كونه آية من آيات الله سبحانه ، كما أنّ نظر الناقصين إليها من حيث أنّها هي ، فهو ناظر إلى مهيّاتها ، كما أنّ الاوّل نظر إلى وجوداتها.
ولعلّ ما ذكر من الدقيقة هو الّذي أوقع جماعة في توهّم أنّ الاسم عين المسمّى ، واستفاضت الاخبار في ردّه (١) ، وردّه الجمهور ، بل هو كلام لا محصّل له إلا أن يريد به ما ذكرناه توسّعا في التعبير ، ومجازا بعيدا عن الحقيقة ؛ إذ الفرق بيّن بين أن يكون الاسم هو المسمّى ، وبين إمكان التوجّه بالاسم إلى المسمّى.
[تفسير الاسم باعتبار معنى كلّ حرف من حروفها]
هذا تفسير الكلمة باعتبار معناه التركيبي ، وأمّا باعتبار معاني حروفه مفردا ومادّة هذه الكلمة فهو ما رواه في الكافي والتوحيد والمعاني والعيّاشي عن أبي عبد الله عليهالسلام في تفسير البسملة :
«الباء بهاء الله ، والسين سناء الله ، والميم مجد الله ـ وفي رواية :
__________________
(١) كحديث رواه الصدوق (رض) فى التوحيد ، باب أسماء الله تعالى ، ص ٢٢٠ ، ح ١٣ ، عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ في جواب ما سئله هشام بن الحكم (ره) عن أسماء الله عزوجل واشتقاقها ، ـ إلى أن قال عليهالسلام ـ : «والاسم غير المسمى ...» وهكذا روايات أخر نقله المجلسي (ره) في البحار ، ج ٤ ، باب المغايرة بين الاسم والمعنى ، فراجع.