نفس الهدى والعلم من حيث هو ، وبصورة المطر النازل من السحاب إن كان المرئيّ ، في النوم هو الرشحات النازلة منه الواردة على القلب.
ثمّ إنّ ذلك الحقّ والهدى لمّا نزل من عالم القدس ، وظهر في هذا العالم الظلماني لانقاذ أهله (١) ممّا هم فيه من الضلالة بصورة ألفاظ القرآن وألفاظ النبيّ صلىاللهعليهوآله والامام عليهالسلام ، وسائر أنواع ما أظهر به الحقّ للناس من فعل واقع موقع بيانه ، أو تقرير أو غيرهما ، عرضه الظلمة الثابتة لهذا العالم ، كما أنّ الظلمات الّتي كانت في السحاب والمطر إنّما نشأت من نفس ظلمة هذا العالم الّتي كانت ثابتة له لو لا إشراق أنوار الكواكب عليه. فمن كان قلبه مظلما بظلمة باطن الدنيا ظهر له ذلك الحقّ في الظلمات الّتي هي مأويه ومستقرّه ؛ كالمنافق ، فتعلّق به منه شبهات وتخييلات وتمويهات أوجبت عدم إيمانه بها ، ومن كان خارجا بقلبه عن حكم ظلمة عالم المادّة والطبيعة وما يتفرّع عليها من الهوى والكفر والفسوق والعصيان ، الّتي رأسها الدنيا وحبّها ، وكان متّصفا بصفات الارض المتقدّمة ، منقادا لأمر الله سبحانه ، خاشعا له ، متّبعا للذكر ، قابلا للحقّ ، ساكنا تحت الامر والحكم ، شاربا ، وليس قلبه قاسيا ، ولا نفسه متكبّرة ، ولا فاسد الطينة ، خبيث المنشأ ، عطشانا لا يطلب إلا الحقّ ، لا همّ له إلا فيه ، فهو خارج عن حكم الظلمة ، ولا يضرّه ما يضرّ هؤلاء الواقعين فيها.
وتلك الشبهات الظلمانيّة تستولي على أهله على حسب مراتبهم ، فمنهم من يمنعه عن إدراك الحقّ أصلا ، ومنهم من لا يمنعه إلا عن فهم المتشابهات الّتي عرضها التشابه في هذا العالم في الانظار الواقعة بحسبه ، لا للراسخين في العلم وبينهما مراتب متوسّطة.
وفي ذلك الحقّ النازل من سماء عالم القدس رعد وصوت قويّ يقرع أسماع
__________________
(١) في المخطوطة : «أهلها».