الإسرار والإظهار للغير عموم من وجه ، وحينئذ فيحتمل قويّا أن يكون في الحكم الاسرار والاجهار مختلفا بحسب الاحوال ، فمن كان الإسرار له أخلص من جهة النيّة ، أو أدخل في التوجّه ، كان أرجح له ، ومن كمل إخلاصه ، أو كان متخلّيا عن الناس ، وكان الاجهار أشدّ تأثيرا في القلب ، أو أجمع للفكر ، أو كان منبّها للغير ، أو نحو ذلك ، كان أولى له.
ويؤيّد أولويّة الجهر في الجملة ما رواه الكليني بسنده عن أبي بصير قال :
«قلت لأبي جعفر عليهالسلام : إذا قرأت القرآن فرفعت به صوتي جائني الشيطان فقال : إنّما ترائي بهذا أهلك والناس.
فقال : يا أبا محمّد ، اقرأ قرائة ما بين القرائتين تسمع أهلك ، ورجّع بالقرآن صوتك ، فانّ الله عزوجل يحبّ الصوت الحسن.» (١)
ولا يبعد أن يكون ذلك لاستظهاره عليهالسلام أنّ ذلك الخطور له بالنسبة إلى الاهل محض خطور لا يؤثّر في نيّته ، فيكون من قبيل تصوّر الرياء بخلافة بالنسبة إلى الناس ؛ إذ ربّما يشوب النيّة فيمنعه عن كمال الاخلاص.
[استحباب تحسين الصّوت وعدم جواز التّرجيع والغناء]
ومنها : تحسين الصوت ؛ كما دلّ عليه ذيل الخبرين المتقدّمين ، وما رواه الكليني بسنده عن عبد الله بن سنان ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال :
«قال النبيّ صلىاللهعليهوآله : لكلّ شيء حلية ، وحلية القرآن الصوت الحسن.» (٢)
__________________
(١) الكافي ، ج ٢ ، باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن ، والصافي ؛ ج ١ ، المقدمة الحادية عشرة ، ص ٤٥ ؛ والوسائل ، ج ٤ ، باب ٢٤ من أبواب قراءة القرآن.
(٢) نفس المصادر ، وكذا في جامع الاخبار ، ص ٤٩ ، وفيه : أنس بن مالك ، عن النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ.