الناس منهم لما رأوا من ظواهرهم ، فيفسدون عليهم امور دينهم ، وفيه فساد الارض كما سبق ، بل الظاهر تأثير جملة منها في منع السماء قطرها ، والارض بركتها ، كما ربّما يستفاد من الاخبار (١). وكذا حسدهم على المخلصين يؤدّيهم إلى ايذائهم وإهانتهم ، وردّ كلامهم ، والمنع من قبول الناس قولهم وغير ذلك ، فيؤدّي إلى الفساد ؛ بل لا يبعد استناد معظم المفاسد الّتي وقعت في الاسلام إلى هؤلاء المتصنعون المظهرون للعلم أو العمل من دون حقيقة ، كما لا يخفى على من مارس أخبارهم (٢).
وهؤلاء إذا نصحهم ناصح أنكروا نسبة الفساد إلى أنفسهم أشدّ إنكار ، بل إذا قيل لأحدهم : اتّق الله ، أخذته العزّة بالاثم (٣) ، ويبالغون في دعوى الاصلاح وسائر الكمالات.
[في أنّ قلب المفسد لا يتأثّر بالنّصيحة]
ثمّ لا يخفى عليك أنّ أرض القلب أيضا من الاراضي الّتي لا ينبغي إفسادها ، بل هي أوسع من هذه الاراضي. وأعظم أسباب فسادها هو اتّباع الدواعي الّتي
__________________
(١) كقول الصادق ـ عليهالسلام ـ حيث أفتى أبو حنيفة فيما جرى بين أبي ولاد الحناط وصاحب البغل وقضى بينهما بالجور والظلم ، قال ـ عليهالسلام ـ : «في هذا القضاء وشبهه تحبس السماء ماءها ، وتمنع الارض بركتها ...» وقد نقل بتمامه الشيخ حر العاملي (ره) في الوسائل ، ج ١٣ ، باب ١٧ من أبواب الاجارة ، ص ٢٥٥ عن الكليني والشيخ (ره) ، فراجع.
(٢) راجع كتب التراجم والتواريخ ، وقد توجد فيها كثير من المفاسد والبدع التي أظهروا في الدين بعد وفاة النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ وخصوصا في زمان غصب الخلافة.
(٣) مأخوذ من آية ٢٠٦ من سورة البقرة ، وهي : «وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ ...»