نوعا من الاغطية غير ما يتعارفه الناس ، وهو غطاء التعامي عن آيات الله ، ولهم من بين الآلام العظيم نوع عظيم لا يعلم كنهه إلا الله.»
هذا ، ولعلّ في ايراد الجملة خبرية ظاهرة في الحال دلالة على ثبوت العذاب لهم فعلا وإن لم يشعروا به. وذلك إمّا باعتبار العذاب الاخروي ، فباعتبار مخلوقية ما يعذب به فعلا على ما نطقت به الادلة الكثيرة وإن لم يقع التعذيب بعد ، إلا أنّه ثابت لهم. وإمّا باعتبار العذاب المعنوي ، فهو الآن موجود ، وأهله معذّبون بها ، ولكن لا يشعرون بعذابهم وآلامهم ، فاذا خرج عن جلابيب أبدانهم ، وكشف لهم عن حالهم ، وارتفعت عنهم موانع الادراك ، شاهدوا أنفسهم معذّبين بأنواع العذاب الروحاني ، مضافا إلى سائر أنواع عذاب عالم البرزخ والقيامة ، ولو ارتفعت في حال حياته الموانع عنه من تخديرات الطبيعة ، وشغل النفس الانسانية بأسباب هذه الدار الفانية وخيالاتها ، والظلمة التي اكتسبته حتّى صار ناسيا لنفسه ، والعلائق الشاغلة له عن نفسه وغير ذلك ، لشاهد نفسه اليوم معذّبا بالعذاب الروحاني.
[شرائط إدراك العذاب الباطنيّ وكيفيّته]
فإن قلت : فهل يمكن مشاهدة ذلك في حال الحياة بارتفاع الموانع مع بقاء الحياة؟
قلت : أمّا للمتجرّدين عن جلابيب الطبيعة الذين صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلّقة بالملاء الاعلى ، فهو ممكن واقع على قدر مراتبهم. ولعلّ في ظاهر الكلام المتقدّم عن أمير المؤمنين عليهالسلام (١) وغيره دلالة وإشارة اليه. وإثبات ذلك بالادلة ، ولو أمكن لا ينفع لنا في مقام اليقين بعد أن لم تكن من أهله وإن ترتب عليه
__________________
(١) تقدم في ص ٤٥١.