انتهى المقصود من كلامه.
فانظر بعين التدبّر أنّ الّذين كتبوا الرقاع والعسب واللخاف ومن أخذ من صدورهم هل كانوا معصومين من الخطأ والنسيان والسهو وتعمّد الكذب؟ أو أنّه أخذ كلّ آية آية من جماعة بالغة إلى عدد التواتر؟ أو اقترنت بالقرائن المفيدة للعلم وإلى أنّ الجماعة المستودعين للصحف كانوا ضابطين لها بحيث يعلم عدم سقوط شيء منها؟ وإلى أنّ الاربعة المباشرين للنسخ معصومون في نسخهم على ما يظهر من حالهم في الآثار؟ وإلى أنّ وقوع الاختلاف في القطعيّات ممكن؟ وإلى أنّ تحريق ما لا يوافق تلك النسخ وتخريقه هل يتصوّر له داع يعتذر به عثمان إلى المسلمين ، مع ما كان عليه من حفظ ظاهره نفاقا ورياء؟ إلى غير ذلك.
[اختلاف القرائات]
ولو كان الكلّ متّفقين فما هذا الاختلاف الواقع بين القرّاء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم في الكلمات والموادّ والحروف والهيئات ممّا ملئوا به كتب التفسير والقرائة؟ ويعدّون منهم النبيّ صلىاللهعليهوآله والائمّة عليهمالسلام ، بل ينقلون منهم قراءات شاذّة باصطلاحهم ، فراجعها وتثبّتها واستخبرها تجدها ناطقة بخلاف ما قالوا.
ألا ترى أنّ سورة «الحمد» الّتي يحفظها الصبيان والجواري ، ويجب على كلّ مكلّف قرائته في اليوم والليلة عشر مرّات وجوبا عينيّا في غير الجماعة ، ويسمعها المأموم (١) كذلك في الجماعات ، كيف وقع فيها الاختلاف الكثير من الصحابة والتابعين ومن يتلوهم من حيث الكلمة ، والهيئة المغيّرة للمعنى ، والحرف والاعراب المغير للمعنى التركيبي وغيرها؟ فراجع «الكشاف» (٢) و «مجمع البيان» (٣)
__________________
(١) في المخطوطة : «المأمون».
(٢) ج ١ ، ص ٩.
(٣) ج ١ ، ص ٢٣.