والامام الغائب عن أمته وعن رعيته. ولمّا لم يغب النبي صلىاللهعليهوآله عن أمته مدة حياته صلىاللهعليهوآله ، ولا يعدّ الموت غيبة عند العرف الشائع ، انحصر في الايمان بالامام الغائب فيكون الآية بهذه الملاحظات ناظرة بأحد جهات معناها إلى ذلك ، ويكون الغرض من تلك الاخبار بيان ذلك الجهة.
وأما الاستدلال بالآية الاخرى على ذلك ، فلعلّه باعتبار دلالته على أنّ الغيب زمان ظهور الآيات ، والامر بانتظاره ، وظهور الآيات الغيبية المنتظرة هو زمان قيام القائم ـ عجل الله تعالى فرجه ـ ، بل هو زمان ظهور الغيب الّذي هو لله في عالم الشهادة ، وصيرورة عالم الشهادة تابعة لعالم الغيب ، فتبصّر.
[في معنى إقامة الصّلاة]
(وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ)
إقامة الصلاة على ما ذكره جماعة : «تعديل أركانها ، وحفظها من أن يقع زيغ في فرائضها وسننها وآدابها ، من أقام العود إذا قومه ؛ أو الدوام عليها والمحافظة ، كما ورد في قوله تعالى : (الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ)(١) ، وقوله تعالى : (وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ)(٢) من قامت السوق إذا نفقت ، وأقامها لأنّها إذا حوفظ عليها كان كالشيء النافق الّذي تتوجه إليه الرغبات ، ويتنافس فيه المحصّلون ، وإذا عطلت وأضيعت كانت كالشيء الكاسد الذي لا يرغب فيه ؛ أو التجلّد والتشمّر لأدائها ، وأن لا يكون في مؤديها فتور عنها ولا توان ، من قولهم : قام بالامر وقامت الحرب على ساق ، وفي ضده قعد عن الامر إذا تثبّط ؛ أو أدائها ، فعبر عن الاداء بالاقامة لأنّ القيام بعض أركانها ، كما عبر عنه بالقنوت بمعنى القيام والركوع والسجود
__________________
(١) المعارج / ٢٣.
(٢) المعارج / ٣٤.