إلا ما يشاء وإن كان بعضها أوّليّا مقصودا بذاته ، وبعضها ثانويّا مقصودا بالعرض والتبع ، كما يبيّن في محلّه ـ إن شاء الله تعالى ـ ، وبه يتحقق نفي التفويض.
فمن هذه الوجوه يصحّ إسناد الفعل إلى الله سبحانه من دون حاجة إلى التكلّفات التي ذكرها الفاضل المتقدّم. والله العالم بحقيقة الحال ، وهو المستعان.
بقي هيهنا شيء وهو : أنّ من قرأ عشاوة بالمهملة ، فظاهر المعنى حينئذ أنّ أبصارهم موصوفة بالعشاء وعدم الرؤية باللّيل دون النهار. وفيه نكتة مليحة وهو : أنّ الدنيا بأسرها مظلمة النور بمنزلة اللّيل الاليل ، لا يرى فيها نور إلا ما ورد فيها من عالم آخر. والكافر أعشى لا يبصر فيها شيئا من المعارف والحقائق ، فاذا انتقل منها إلى الآخر علم ورأى حين لا ينفعه إلا مزيد الندم ؛ (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.)(١)
وقال أمير المؤمنين عليهالسلام في ضمن كلام له على ما ببالي روايته (٢) :
فعند الصباح يحمد القوم السرى |
|
وتنجلى عنهم غلالات الكرى |
[في معنى العذاب وأقسامه]
(وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ)
عن تفسير الامام عليهالسلام بعد ما تقدّم :
«ثمّ قال : (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) في الآخر [ة] بما كان من كفرهم بالله ، وكفرهم بمحمّد رسول الله صلىاللهعليهوآله.» (٣)
وربّما يحكى عنه أيضا فيه :
__________________
(١) ق / ٢٢.
(٢) توجد أول مصراعه في نهج البلاغة ، خ ١٦٠ ، ص ٢٢٩.
(٣) راجع المصادر المذكورة في تعليقة ١ ص ٤٤٦.