بهم أنّهم من هؤلاء ليروّج بذلك أمرهم.
[في معنى اللّقاء والخلوّ والشّيطان وأنّ الثاني هو الشّيطان الاكبر]
وحينئذ فنقول : يقال : لقيته ولاقيته إذا استقبلته قريبا منه ؛ وخلوت بفلان وإليه ، إذا انفردت معه. واحتمل في الآية أن يكون من «خلا» بمعنى : مضى ، كما في «وخلاك ذمّ» أي : عداك ومضى عنك ، ومن خلوت به إذا سخرت به ، وهو من قولك : خلا فلان بعرض فلان يعبث به ، ومعناه حينئذ : وإذا أنهوا السخريّة بالمؤمنين إلى شياطينهم وحدّثوهم بها. ولعلّ الاوّل أظهر.
وفسّر الشياطين هنا بالّذين ماثلوا الشياطين في تمرّدهم ، وهو بظاهره أعمّ من الرؤساء وغيرهم ، وخصّه بعضهم بالرؤساء والأكابر من المنافقين ، فيكون القائلون بأنّا مصاحبوكم وموافقوكم على أمر دينكم أصاغرهم أو من الكافرين ، فيحتمل كون القائلين مجموع المنافقين.
وذكر في وجه التخصيص بالرؤساء أنّهم القادرون على الافساد في الارض.
ويحتمل إرادة الناس الّذين يوسوسون في صدور غيرهم ، ويلقون إليهم ما يضرّ بدينهم وآخرتهم وصلاح أمورهم ، الّذين يضلّون غيرهم بغير علم سواء كانوا أكابر أو أصاغر ، فانّ الاصاغر ربّما يغوون جماعة من أهاليهم وأولادهم وأمثالهم ، فيكون مماثلتهم للشيطان باعتبار إضلالهم الناس كالشياطين ، أو باعتبار أنّ الشياطين اتّخذهم أشراكا ، فباض وفرّخ في صدورهم ، وتكلّم بألسنتهم ، وأغوى النّاس بهم ؛ وقد ورد قريبا من ذلك في كلام أمير المؤمنين عليهالسلام في نهج البلاغة في صفة جماعة ، فراجع (١).
__________________
(١) وهو كلامه ـ عليهالسلام ـ يذم فيه أتباع الشيطان ، قال ـ عليهالسلام ـ : «اتخذوا الشيطان لأمرهم ملاكا ، واتخذهم له أشراكا ، فباض وفرخ في صدورهم ، ودبّ ودرج ـ