بما مرّ ، وصار ذاكرا له انبعث الرجاء والخوف والطلب والهرب في القلب ، وإذا تحقّقت صار اللّسان مترجما للحالة الحادثة حاكيا عنه ، وتوسّل السائل بسؤاله نيل مقصوده ، أو الهرب عن مبغوضه. والقرآن هو المذكّر لذلك ، والهادي إليه لمن يؤمن به ، فيحقّ أن يكون حقّ تلاوته هو حصول التذكّر والمعرفة بحيث يستتبعهما آثارهما في القلب واللّسان ، ولا يكمل السؤال حقيقة إلا باستجماعه المراتب ، وكذا الاستجارة والاستعاذة ، فتأمّل.
[التفكّر في معاني القرآن والتأثّر منها]
ومنها : التفكّر في معاني القرآن والتدبّر والتأثّر والاتّعاظ ، واستشعار الرقّة واللّين والوجل والدمعة ، وما أشبه ذلك دون إظهار الغشية.
فعن الكليني باسناده عن الحلبيّ ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، والصدوق بسنده عن أبي حمزة الثمالي ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنّهما قالا :
«قال أمير المؤمنين عليهالسلام : ألا أخبركم في الفقيه حقّا؟ من لم يقنّط الناس من رحمة الله ، [ولم يؤمنهم من عذاب الله ،] ولم يؤيسهم من روح الله (١) ، ولم يرخّص لهم في معاصي الله ، ولم يترك القرآن رغبة عنه إلى غيره ؛ ألا لا خير في علم ليس فيه تفهّم ، ألا لا خير في قرائة ليس فيها تدبّر ، ألا لا خير في عبادة ليس فيها تفقّه.» (٢)
والاوّل باسناده عن الزهري قال : سمعت عليّ بن الحسين عليهماالسلام يقول :
«آيات القرآن خزائن ، كلّما فتحت خزانة ينبغي لك أن
__________________
(١) هذه الفقرة غير موجودة في بعض نسخ الكافي والمعاني.
(٢) الكافي ، ج ١ باب صفة العلماء ، ص ٣٦ ، ح ٣ والمعاني ، باب معنى الفقيه حقا ، ص ٢٢٦ ؛ والوسائل ، ج ٤ ، باب ٣ من أبواب قراءة القرآن ، ص ٨٢٩ ، ح ٧.