العلماء من سائر الطوائف ، وكان من جملة تلاميذه الشريف الرضي والمرتضى ». (١)
وعلى ذلك فالرجل الذي يصف اليافعي في تاريخه بأنّه يناظر أهل كلّ عقيدة مع الجلالة ، أو يصفه ابن كثير بأنّه يحضر مجلسه كثير من العلماء من سائر الطوائف ، أجلّ من أن يتوسل في إفحام خصمه وإخضاعه للحق ، بالإهانة والتكلّم بما هو خارج عن أدب المناظرة.
نعم ، نقل بعض المترجمين للشيخ المفيد أنّه جرت مناظرة بينه وبين أبي بكر الباقلاني ، فلمّا ظهر تفوّق المفيد على مناظره ، قال له أبو بكر : أيّها الشيخ إنّ لك من كلّ قدر معرفة ، فأجابه الشيخ ممازحاً : نعم ما تمثلت به أيّها القاضي من أدوات ( مهنة ) أبيك. (٢)
إنّ الخطيب لم يخف حقده على شيخ الأُمّة في غير هذا المقام أيضاً ، فقد قال في ترجمته : « وكان أحد أئمّة الضلال ، هلك به خلق من الناس ، إلى أن أراح الله المسلمين منه. ومات في يوم الخميس ثاني شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وأربعمائة ». (٣)
أهكذا أدب العلم وأدب الدين؟!!
إنّ هذه شنشنة أعرفها من كلّ من يضمر الحقد على أمثال الشيخ. لاحظ الكامل لابن الأثير الجزء السابع ص ٣١٣ ترَ أنّ ما ذكره الخطيب أخف وطأً ممّا ذكره المعلق على « الكامل » من السباب المقذع الخارج عن أدب الدين والتقى.
فكلّ من أراد أن يقف على أدب الشيخ المفيد في المناظرة واحتجاجه على الخصم ، فليلاحظ مناظراته في الكلام والتفسير التي جمعها تلميذه الشريف المرتضى في كتاب « الفصول المختارة » اختارها من كتابين لشيخه المفيد ،
ــــــــــــــــــ
١ ـ البداية والنهاية : ١٢/١٥.
٢ ـ روضات الجنات : ٦/١٥٩مستمداً من تلقبه بالباقلاني ، المنسوب إلى بائع الباقلاء.
٣ ـ تاريخ بغداد : ٣/٢٣١ برقم ١٢٩٩.