٣ ـ إنّه سبحانه علّق رؤيته على أمر ممكن جائز ، والمعلّق على الجائز ، جائز فينتج أنّ الرؤية في نفسها جائزة.
وقد تعرفت على الإجابة عنه.
٤ ـ إنّ تجلّيه سبحانه للجبل هو رؤية الجبل لله ، وهو لما رآه سبحانه اندكّت أجزاؤه ، فإذا كان الأمر كذلك ، ثبت أنّه تعالى جائز الرؤية. أقصى ما في الباب أن يقال : الجبل جماد ، والجماد يمتنع أن يرى شيئاً ، إلاّ أنّا نقول : لا يمتنع أن يقال : إنّه تعالى خلق في ذلك الجبل الحياة والعقل والفهم ثمّ خلق فيه الرؤية متعلّقة بذات الله. (١)
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره من رؤية الجبل إياه سبحانه ، مع الحياة والعقل والفهم ، شيء نسجته فكرته ، وليس في نفس الآية أي دليل عليه ، والحافز إلى هذه الحياكة ، هو الدفاع عن الموقف المسبق والعقيدة التي ورثها ، فإنّ ظاهر الآية أنّ الجبل لم يتحمل تجلّيه سبحانه فدُك وذاب ، وبطلت هويته ، لا أنّه رآه وشاهده ، وقد عرفت أنّ التجلّي كما يكون بالذات ، يكون بالفعل أيضاً ، ولو كان الجبل لائقاً بهذه الفضيلة الرابية ، فنبيّه أولى بها ، وفي قدرته سبحانه أن يريه ذاته ، مع حفظه عمّا ترتّب على الجبل من الاندكاك ، فالنتيجة أنّ العالم بأسره لا يتحمل تجلّيه سبحانه ، بفعل أو بوصف من أوصافه ، أو باسم من أسمائه.
استدلال المنكرين بالسنّة
لقدعرفت هدي القرآن وقضاءه في الرؤية. وهناك روايات متضافرة عن طريق أهل البيت والعترة الطاهرة الذين جعلهم الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أعدال الكتاب وقرناءه ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنّي تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلّوا بعدي ، كتاب الله عزّوجلّ حبل ممدود
ــــــــــــــــــ
١ ـ تفسير الرازي : ٤/٢٩٢ ـ ٢٩٥ ، ط مصر في ثمانية أجزاء ، وقد جعل كلّ واحد من هذه الأُمور حجّة على جواز الرؤية ، وقد نقلناه ملخصاً.