١ ـ إنّ رؤية الله لا تحصل إلاّ في الآخرة ، فكان طلبها في الدنيا أمراً منكراً.
يلاحظ عليه : أنّه سبحانه يصف طلب الرؤية في الآيات السابقة بالظلم تارة والاستكبار ثانية ، والعتو الكبير ثالثة ، وإيجابه العذاب ونزول الصاعقة رابعة.
فهل هذا أنسب مع طلب الأمر المحال ، أو أنسب مع طلب الأمر الممكن غير الواقع لمصلحة؟
فهل الظلم ( التعدّي عن الحدود ) والاستكبار والعتو ، يناسب تطّلعهم إلى أمر عظيم رفيع ، وهؤلاء أقصر منه وتناسيهم أين التواب ورب الأرباب ، أو أنّه يناسب سؤالهم شيئاً ليس خارجاً عن مستواهم ، غير أنّ المصلحة أوجبت حرمانهم ، لا شكّ أنّ الأُمور الأربعة التي تحكي عن تكون جرم كثير وعصيان فظيع ، إنّما هي تناسب الأمر الأوّل لا الثاني.
والذي يكشف عن ذلك أنّه سبحانه عدّ طلب الرؤية من موسى أكبر من سؤال أهل الكتاب من النبي الأكرم تنزيل كتاب عليهم من السماء وقال : (يَسْأَلُكَ أَهْلُ الكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا الله جَهْرَة ) (١). وليس وجه كون الثاني أكبر من الأوّل سوى كونه أمراً محالاً دون الآخر ، وإن كان غير واقع.
٢ ـ إنّ حكم الله تعالى أن يزيل التكليف عن العبد حال ما يرى الله ، فكان طلب الرؤية طلباً لإزالة التكليف ، والرؤية تتضمن العلم الضروري وهو ينافي التكليف.
يلاحظ عليه : أنّه من أين وقف الرازي على أنّ رؤية الله سبحانه في الدنيا لحظة أو لحظات توجب إزالة التكليف؟ فهل ورد ذلك في الكتاب أو السنّة ، أو أنّه من نتاج ذهنه وفكرته؟
ثمّ إنّ مزيل التكليف هو حصول غايات التكليف وأهدافه. وليست
ــــــــــــــــــ
١ ـ النساء : ١٥٣.