على الرؤية. (١)
قال الشيخ أبو الحسن : والدليل على أنّ الله تعالى يُرى بالأبصار قوله تعالى : (وُجُوهٌ يَومَئِد ناضِرَة* إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ ) (٢) ولا يجوز أن يكون معنى قوله ( إِلى ربّها ناظرة ) معتبرة ، كقوله تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ ) (٣). لأنّ الآخرة ليست بداراعتبار ، ولا يجوز أن يعني متعطفة راحمة كما قال : « ولا ينظر إليهم » أي لا يرحمهم ولا يتعطف عليهم ، لأنّ الباري لا يجوز أن يتعطف عليه (٤). ولا يجوز أن يعني منتظرة ، لأنّ النظر إذا قرن النظر بذكر القلب لم يكن معناه نظر العين ، لأنّ القائل إذا قال : أنظر بقلبك في هذا الأمر ، كان معناه نظر القلب ، وكذلك إذا قرن النظر بالوجه لم يكن معناه إلاّ نظر الوجه.
والنظر بالوجه هو نظر الرؤية الذي يكون بالعين التي في الوجه ، فصحّ أنّ معنى قوله تعالى : (إِلى رَبِّها ناظرةٌ )رائية. إذا لم يجز أن يعني شيئاً من وجوه النظر الأُخرى. (٥)
قال أيضاً حول دلالة الآية على الرؤية :
إنّ النظر في هذه الآية لا يمكن أن يكون نظر الانتظار ، لأنّ الانتظار معه تنقيص وتكدير ، وذلك لا يكون يوم القيامة ، لأنّ الجنّة دار نعيم وليست دار ثواب أو عقاب ، ولا يمكن أن يكون نظر الاعتبار ، لأنّ الآخرة ليست دار الاعتبار بل دار ثواب أو عقاب ، ولا يمكن أن يكون نظر القلب ، لأنّ الله تعالى ذكر النظر مع الوجه ، فاتضح أنّه نظر العينين ، وإذا بطلت هذه المعاني
ــــــــــــــــــ
١ ـ شرح التجريد للقوشجي : ٣٣٤.
٢ ـ القيامة : ٢٢ ـ ٢٣.
٣ ـ الغاشية : ١٧.
٤ ـ هذا سهو من قلمه ، لأنّ الآية تتضمن نفي نظره سبحانه إليهم بالرحمة والعطف ، لا نظرهم إليه بالعطف والحنان حتى يصح قوله : « لأنّ الباري لا يجوز أن يتعطف عليه » فلاحظ.
٥ ـ اللمع : ٦٤.