القول بأنّ الله تعالى خالق ، والعبد كاسب. (١)
ولا يخفى أنّ القول بتأثير قدرة العبد لا يجتمع مع ما ثبت بالبرهان عندهم من أنّ الخالق هو الله تعالى ، فعلى مذهبه يقع التعارض بين ما ثبت بالبرهان ومااختاره من الأصل.
ثمّ الظاهر من الفاضل القوشجي هو اختيار الشق الثالث. أي عدم تأثير قدرة العبد في الفعل حيث قال : والمراد بكسبه إيّاه مقارنته لقدرته وارادته ، من غير أن يكون هناك منه تأثير أو مدخل في وجوده سوى كونه محلاً لهو. (٢)
وعلى ما ذكره ذلك الفاضل لا يكون هنا للعبد دور إلاّ كون الفعل صادراً من الله وموجداً بإيجاده ، غاية الأمر كون الإصدار منه تقارن مع صفة من صفات العبد ، وهما صيرورته ذا قدرة غير مؤثرة بل معطلة ، عن إيجاد الله تعالى الفعل في الخارج.
أنشدك بوجدانك الحر ، هل يصحّ تعذيب العبد ، بحديث المقارنة ، ألا بعد ذلك من أظهر ألوان الظلم ، المنزة سبحانه عنه؟!
قال القاضي عبد الجبار : : إنّ أوّل من قال بالجبر وأظهره معاوية ، وإنّه أظهر أنّما يأتيه بقضاء الله ومن خلقه ليجعله عذراً فيما يأتيه ، ويوهم أنّه مصيب فيه ، وأنّ الله جعله إماماً وولاّه الأمر ، ومشى ذلك في ملوك بني أُمية.
وعلى هذا القول قتل هشام بن عبد الملك غيلان رحمهالله ، ثمّ نشأ بعدهم يوسف السمني فوضع لهم القول بتكليف ما لايطاق. (٣)
وقال الدكتور« مدكور » في تصديره للجزء الثامن لكتاب المغني للقاضي عبد الجبار : إنّ هناك صلة وثيقة بين الحياة السياسية ونشأة الفرق والآراء الكلامية ، ولكن الوشاية والدس هما الّلذان قضيا على غيلان ـ فيما يظهر ـ أكثر
ــــــــــــــــــ
١ ـ شرح العقائد النسفية : ١١٥.
٢ ـ شرح التجريد للفاضل القوشجي : ٤٤٥.
٣ ـ المغني : ٨/٤.