بصورة ثانية ويقول : قوم هذا (١) من دون أن يعد أبا موسى من تلك الزمرة ، ومع ذلك فتصديق نزولها حتى في قوم« أبي موسى » لا يخلو من غموض.
أمّا أوّلاً : فلأنّ الروايات تضافرت على نزولها في حقّ عليّ عليهالسلام وأصحابه ، حيث حاربوا الناكثين والقاسطين والمارقين. ورواه من أعلام السنّة : الثعلبي في تفسيره ، ونقلهاعنه ابن بطريق في عمدته (٢) ، والإمام الرازي في مفاتيح الغيب (٣) ، والعلاّمة النيسابوري في تفسيره (٤) ، وأبوحيان الأندلسي في البحر المحيط. (٥)
وأمّا ثانيا : فلأنّ النقل تضافر أيضاً على أنّ المراد هم الفرس ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لما سئل عن هذه الآية ، فضرب بيده على عاتق سلمان وقال : « هذا وذووه » ، ثمّ قال : « لو كان الدين معلّقاً بالثريا لناله رجال من أبناء فارس ». (٦)
وأمّا ثالثاً : فلأنّه روي في نزول الآية وجه آخر ، وهو الجهاد مع أهل الردّة ، بعد موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (٧) ، ولم يكن الجهاد معهم مختصاً بقوم أبي موسى ، بل اشترك اليمنيون وغيرهم من أصحاب الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في ذلك أيضاً.
كلّ ذلك يعطي أنّ الآية تحمل مفهوماً كلياً ينطبق على الشخصيات البارزة في العصور المختلفة ، الذين بذلوا أنفسهم ونفيسهم في سبيل الله.
فعلي أمير المؤمنين ـ بمواقفه الحاسمة ـ من أوضح مصاديق الآية ، خصوصاً إذا لاحظنا الصفة المذكورة في الآية ، فإنّها تنطبق على علي
ــــــــــــــــــ
١ ـ المصدر نفسه.
٢ ـ العمدة : ٢٨٨ ، الطبعة الحديثة.
٣ ـ مفاتيح الغيب : ٣/٤٢٧ ، ط مصر ـ ١٣٠٨ هـ.
٤ ـ تفسير النيسابوري بهامش الطبري : ٦/١٦٥.
٥ ـ البحر المحيط : ٣/٥١٠.
٦ ـ تفسير الرازي : ٣/٤٢٧ ، وتفسير النيسابوري بهامش الطبري : ٦/١٦٥.
٧ ـ المصدر نفسه.