وقد استدلّ الشيخ بالأدلّة العقلية والنقلية فاكتفى من الأوّل بوجهين :
الدليل الأوّل
ما ذكره في « اللمع » وحاصله :
١ ـ الإيمان متصف بالحسن والكمال ولكنّه متعب ؛ والكفر متصف بالقبح ، ولكنّه ملائم للقوى الحيوانية.
٢ ـ إذا أراد المؤمن أن لا يكون إيمانه متعباً مؤلماً لم يقدر على ذلك ، ولو أراد الكافر أن يكون كفره على خلاف ما هو عليه ، أي أن يكون مخالفاً للشهوات لم يقدر عليه.
٣ ـ كلّ فعل كما يحتاج في أصل الوجود إلى موجد ، فكذلك يحتاج إليه في الصفات والخصوصيات.
٤ ـ لا يصحّ أن يكون المؤمن موجداً للإيمان ، والكافر موجداً للكفر بما لهما من الخصوصيات ، لأنّ كلاًّ منهما يقصدهما على غير حقيقتهما ، فالكافر يقصد الكفر بما أنّه أمر حسن ، ولكنّه في الحقيقة قبيح. كما أنّ المؤمن يقصد الإيمان بما أنّه غير متعب ، وهو ليس كذلك ، فينتج : إذا لم يكن المحدث للكفر على ما له من الوصف شخص الكافر ، ولا المحدث للإيمان على حقيقته شخص المؤمن ، فوجب أن يكون المحدث هو الله تعالى سبحانه. (١)
وباختصار : إنّ الإيمان في الحقيقة متعب لكونه مخالفاً للقوى النفسانية والشهوانية ؛ والكفر قبيح باطل ؛ ولو قصد المؤمن أن يقع الإيمان على خلاف ما وقع من كونه مؤلماً ومتعباً ، لم يكن له إلى ذلك من سبيل. ولو أراد الكافر أن يتحقّق الكفر في الخارج حسناً صواباً لم يقدر عليه ، هذا من جانب.
ومن جانب آخر : إنَّ المؤمن يجنح إلى الإيمان بما أنّه غير مؤلم ولا متعب ، والكافر يجنح إلى الكفر بما أنّه حسن حق. ولما كان واقع الإيمان والكفر على غير
ــــــــــــــــــ
١ ـ عبارة اللمع غير خالية عن التعقيد والبسط الممل ، وما ذكرناه في المتن ملخص مراده. راجع اللمع : ٧١ ـ ٧٢.