للحضارات الواردة والقيم التي تشكّل برادوكساً مع قيم الدين والأخلاق ...
إنّ أهمّ ما نفتقده في فضائنا الخاصّ ـ كونه مورد عنايتنا هنا حالياً ـ الثقافة الواعية التي تقود إلى سلامة التشخيص واتّخاذ المواقف المناسبة والتعامل مع الأحداث ـ صغيرها وكبيرها ، جزئيّها وكلّيّها ـ تعاملاً منهجيّاً عقلانيّاً يتسامى فوق العواطف والأحاسيس ، ويخضع لملاكات الدين الحقيقيّة وضوابطه المدوّنة ، ولاسيّما أنّ حركة العقل ـ رغم الترويج لها عندنا وبلوغها مبلغ الأدلّة الأربعة الكبرى ـ لا تخرج عن سياق النصّ بحال من الأحوال.
إذن لا مجال لكلّ ما هو خارج عن قانون الدين ، فكلّ القضايا والمشاريع والرغبات والأهداف والنوايا يجب أن تكون خاضعة للنصّ ، فهو الحكم والحاكم والمرخّص والمانع.
ولا مجال للخنق والاختناق ومصادرة الحرّيّات وتحريم التمتّع بالحياة الدنيا والنموّ والازدهار إذا ما قرأنا النصّ قراءةً صحيحةً مستندةً إلى الأدوات المنهجيّة العلميّة السليمة ، فالدين منظّم الفكر والحركة والنتاج ورقيبها والناظر عليها كي لا تحيد عن الخطّ القويم والصراط المستقيم ، ولا منافاة بين الدنيا والآخرة بالجمع بينهما طبق الشروط المعهودة والمواثيق المنصوصة.