ويتعاظم ، إلاّ أنّ لكلّ شيء حدّاً وحدوداً ، وأشدّ ما يُخشى منه غضبُ الحليم ، ناهيك عمّن سواه ، الذي قد يُحدِث ما لا ينفع معه الندم ولا مساعي كسر الفجوة وردم الهوّة وعلاج الألم ، فما يدرينا؟! فلعلّ البعض له من خزين الموارد والأدوات ما لم يكن بالنظر والحسبان ، غفلةً منّا أو نسياناً ، فلو ضاق ذرعاً وتقطّعت به الأسباب قد يلجأ إلى هذا المورد وتلك الأداة ; لتصفية الحساب وإشفاء الغليل ، سواء اعتبرنا ذلك عيناً بالعين وسنّاً بالسنّ ، أو ما ناظرهما ممّن يتشبّث بهذا الطريق وذاك السبيل لبلوغ المرام والنيل من الرقيب.
إنّ ديننا دين العقل والحيطة والحذر ، والأيام دُولة بين هذا وذاك ، والفطن اللبيب مَن يتعامل على ضوء أسوأ الظروف ، وبما أنّه لا تضمين ولا ضمان للغد ، فعلينا أن نُحسن استخدام العقل والقدرة والفرصة بحيث نبني ونشيّد رصيداً واعتباراً حقيقيين صادقين ، نكسب بهما قلوب الناس وأذهانهم ، فنستطيع آنذاك دفع أو مواجهة الملفّات التي قد ينتظرها بنا مَن ينتظر.
إنّها قاعدة كلّية لا تختصّ بشخص ومجموعة وكيان. وليس المعنيّ بها سوى كلّ من يوالف بين الماضي والحاضر لأجل المستقبل الآمن.
ولا فرار من قواعد الحياة وحوادثها واحتمالاتها ، والنادر منّا من هو مصداق قول أبي نوّاس :
تغطّيتُ من دهري بظلّ جناحه