ومن الشواهد أيضاً ما وقع من كبار الرواة من مقابلة الأحاديث التي جمعوها بعرضها على الأئمّة عليهمالسلام المتأخّرين ، كما وقع ذلك ليونس بن عبد الرحمن بطريق معتبر في الكشّي (١) ، وكتاب عبيد الله بن علي الحلبي المعروض على الصادق عليهالسلام (٢) ، وككتابي : يونس بن عبد الرحمن والفضل بن شاذان المعروضين على الإمام العسكري عليهالسلام ، وكما وقع ذلك في عدّة من الكتب التي عرضت على الإمام الجواد عليهالسلام والتي ترحّم الإمام على مؤلّفيها ، ككتاب يوم وليلة (٣) ، وكما وقع ذلك أيضاً من النائب الثالث الحسين بن روح من عرض كتابه الذي جمع فيه مروياته عن شيوخ الرواة على فقهاء ومحدّثي (قم) ليقابلوها مع المستفيض من رواياتهم كما ذكر ذلك الشيخ في كتاب الغيبة في ترجمته (٤).
وبالجملة : فإنّ عمليّة مقابلة الكتب أدمنها الرواة منذ عهد الصادق عليهالسلام ، ومرحلة تدوين الأصول الأربعمائة مروراً بمرحلة تدوين المجاميع في عهد الرضا عليهالسلام ، كمشيخة الحسن بن محبوب وكتب الحسين بن سعيد الأهوازي وصفوان بن يحيى وابن أبي عمير وغيرهم ، إلى مرحلة تدوين الكتب في عهد العسكريين عليهماالسلام والغيبة الصغرى ككتاب قرب الاسناد لعبد الله بن جعفر الحميري ، وكتاب المحاسن لأحمد بن محمّد البرقي وغيرهما ، وانتهاءً بمرحلة أصحاب الكتب الأربعة في كتبهم الأربعة وغيرها.
حيث إنّ مرحلة الأصول كانت قائمة على التلقّي المباشر عن الإمام عليهالسلام ،
__________________
(١) رجال الكشّي ٢٩٧ / الحديث ٤٠١ ، في المغيرة بن سعيد.
(٢) رجال النجاشي ٢٣١ / الرقم ٦١٢ ، عبيد الله بن عليّ بن أبي شعبة.
(٣) وسائل الشيعة : كتاب القضاء ، الباب ٨ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٧٤.
(٤) الغيبة / ٣٩٠.