الطريق الثالث : نصّ أحد الأعلام المتأخّرين
وقد بيّنا عدم اختصاص الاعتماد على قول الرجالي المتقدّم ، بل يعمّ المتأخّر حتّى عصرنا هذا ، من باب حجّية أهل الخبرة ، أو من باب تجميع القرائن وتحصيل الاطمئنان ، وإن كان لا يغفل عن تفاوت الدرجة في ذلك ، تارة بحسب تقدّم الزمن والقرب ، وأخرى بحسب الإحاطة ، وإن كانت للمتأخّر ولم يطّلع عليها المتقدّم.
فقد يحصل للمتأخّر إحاطة ما لم يحصل للمتقدّم ، كما وقع في موارد عديدة للسيّد ابن طاوس ، حيث يشير في كتب الأدعية إلى حال العديد من المفردات وموقعيتهم في الطائفة ، بانياً ذلك على ما ظهر له من تتبّع لموارد روايات تلك المفردة ، وإعمال نكات علم الطبقات.
وكذا ما وقع للمجلسي الأوّل ، فإنّه يذكر في مقدّمة شرحه الفارسي على الفقيه (١) إنّه حصل له التتبّع حول ابن أبي عمير في مدّة خمسين عاماً.
وما يذكر من شواهد وقرائن على انقطاع طرق المتأخّرين ، فضلاً عن متأخّري المتأخّرين في التوثيق ، لضياع كتب الرجال والفهارس وحصر طرقهم في الإجازات الصادرة عنهم كلّها إلى الشيخ ، وأنّ السلسلة قد انقطعت بعد الشيخ ، وأنّ بعض المتأخّرين كالعلّامة الحلّي يبني على أصالة العدالة في المسلم ، كما ذكر ذلك في ترجمة أحمد بن إسماعيل بن عبد الله لا طائل تحته ، لأنه ممنوع صغرى وكبرى.
أمّا الكبرى فلما تقدّم مفصّلاً من عدم ابتناء حجّية قول الرجالي على الإخبار
__________________
(١) المسمّى بكتاب لوامع صاحبقراني.