الطريق الخامس : من قيل في حقّه أنّه لا يروي إلّا عن ثقة
وقد تقدّم شطر من أمثلة هذه القرينة ، كما في صفوان والبزنطي وابن أبي عمير ، في ما تقدّم في قاعدة الإجماع ، وهذا عين الذي نختاره في هذه القرينة ، من أنّه حكاية عن ديدن وروية ذلك الشخص ، لا أنّها شهادة حسّية استغراقية عن كلّ من يروي عنه ذلك الراوي.
وممّن قيل في حقّه ذلك :
١. جعفر بن بشير ، فقد قال عنه النجاشي : (روى عن الثقات ورووا عنه)
إذ من الواضح أنّ المراد بهذا التعبير ليس بيان حكم استغراقي لكلّ من يروي هو عنه ، أو من روى عن ابن بشير ، بل هو بيان الحال بنحو الغلبة ، وحال من كثر الرواية عنه أو العكس.
وبعبارة أخرى : إنّ التدقيق في ما ذكره النجاشي لو أردنا التحفّظ والجمود على حرفيّة العبارة إنّه روى عن الثقات أي جميع من عاصره من الثقات ، لكن ذلك لا ينفي كونه قد روى عن غيرهم ، وهكذا الحال فيمن يروي عنه ، فإنّه لا ينفي كونه قد روى عنه الضعفاء ، نعم كون ديدنه ذلك كاشف ظنّي يتعاضد مع القرائن الاخرى في تحصيل الاطمئنان ، أو لتكوين حُسن الظاهر ، الذي هو دون الاطمئنان في حال من يرتبط روائيّاً بجعفر بن بشير.
ويؤيّد ذلك ما ذكره السيّد الخوئي في نقضه على تلك الكلّيّة ، من رواية جعفر بن بشير عن صالح بن الحكم الذي ضعّفه النجاشي ، ورواية عبد الله بن محمّد الجعفي عن جعفر بن بشير ، وقد ضعّفه النجاشي أيضاً. فتدبّر وتأمّل. ونظيره ما وقع في محمّد بن إسماعيل بن ميمون الزعفراني من قول النجاشي فيه