كما أنّه لا يخفى أنّ عناصر التوثيق العامّة والخاصّة التي ذكرناها في الفصل السابق لا بدّ من ضمّها وإعطاء المفاد التحليلي لها المؤثّر في الاطّلاع على الدرجة العلميّة والاجتماعيّة وموقع المفردة في الطائفة ، وبهذه الرويّة التحليلية يكون الباحث الرجالي قد أعمل المنهج التحليلي لدى الباحث التاريخي ، وهذا في غاية الأهمّية بعد تجميع المواد حول المفردة ، وإلّا لعادت الموادّ والقرائن المجموعة عنها نكات مبعثرة متوزّعة كقصاصات مقتطعة ، غير مجتمعة فلا ترسم صورة واضحة عن المفردة.
وبهذه النقطة تندفع كثير من الإشكالات التي طابعها الجمود وعدم استنطاق القرائن والموادّ المختصّة بالمفردة ، يستشرف الباحث على حقيقة الجرح والتعديل والطعون المثارة حول المفردة ، وترجيح أيّ منها وموضوعيّتها.
وقد اعتمد هذا المنهج كتاب تنقيح المقال ، وقاموس الرجال ، حيث غلب عليهما هذا المنهج
المنهج الثاني : نظرية الطبقات
وهي كما قدّمنا في الفصول السابقة تشترك مع نظرية تجريد الأسانيد ، إلّا أنّ بينهما نحواً من الفوارق ، وقد اعتمد هذا المنهج مشهور الرجاليين ، إلّا أنّ الذي برع فيه صاحب كتاب جامع الرواة المحقّق الشيخ محمّد بن علي الأردبيلي.
وتعريفه : هو تحرّي معرفة طبقة الراوي ، عن طريق الراوي والمروي عنه ، ومن ثمّ يشخّص الفترة الزمنية التي بدأ بتحمّل الرواية ، كما يُشخّص بذلك فترة بروزه كنجم في سماء الرواية والتحديث وانتهاءً إلى آخر فترة عاش فيها الراوي ، وبتشخيص ذلك ينجم منه معرفة عدّة جهات في شخصية الراوي.