الواسطة بين العادل والفاسق أو الثقة والمتّهم أو عدمها ، كما لا بدّ من الالتفات إلى أنّ الأمارات على الوثاقة والكواشف على العدالة ، هل يكتفى بها في إحراز العدالة والوثاقة أو لا بدّ من إحراز عدم الفسق ، أي عدم موجب الفسق؟
ولا يتوهّم أنّ هذا الترديد لا مجال له ؛ لأنّه مع فرض وجود العدالة أو الوثاقة فهو يلازم عدم الفسق المطلق أو عدم الفسق في اللهجة ، ومع وجود الأمارة على أحد الضدّين لا حاجة إلى وجود الأمارة على عدم وجود الضدّ الآخر ، إذ إنّ وجود أحد الضدّين وإن لازَمَ عدم الضدّ الآخر إلّا أنّ الكاشف عن أحد الضدّين ليس من الضروري اعتبار كاشفيّته ـ كمدلول التزامي ـ على عدم الضدّ الآخر.
وبعبارة أخرى : إنّ الكاشف عن أحد الضدّين قد يكون اقتضائياً ناقصاً لا بدّ من ضميمة إحراز عدم المانع ، فمواظبة الرجل مثلاً على صلاة الجماعة وعدم ايذاء المسلمين بجوارحه وحسن ظاهره ، كلّ ذلك مقتض لتواجد صفة العدالة أو الوثاقة ، فقد يقال مع ذلك بلابدّية إحراز عدم الموجب للفسق ، أي عدم صدور ما يخلّ بالوثاقة أو العدالة منه
الجهة الثانية : صحّة النسبة المتقدّمة
قال الشيخ الطريحي في جامع المقال : «الثانية : في الطريق الموصل إلى معرفتها ـ العدالة ـ ، فنقول : اكتفى بعض فقهاؤنا بثبوت العدالة بظاهر الإسلام من دون أن يُعلم منه الاتّصاف بملكتها ، وهو مذهب الشيخ في الخلاف ، ونقل عن ابن الجُنيد صريحاً والمفيد في كتاب الاشراف ظاهراً ، وزاد آخرون على ذلك أن يكون ظاهره ظاهراً مأموناً ، بأن يكون ساتراً لعيوبه ، راغباً إلى المساجد والجماعات ، إذا سُئل عنه أهل محلّته وقبيلته يقولون ما رأينا منه إلّا خيراً