الأمر الثاني
بداية تقسيم الحديث
قد اشتهر أخيراً إنّ البداية هي من زمن العلّامة الحلّي تبعاً لُاستاذه السيّد أحمد بن طاوس ، ويستشهد لذلك بما ذكره الشيخ البهائي في مشرق الشمسين من أنّ التقسيم الرباعي هو من ابتكارات العلّامة حذواً للتقسيم الموجود عند العامّة. ولكن الصحيح هو وجود هذا التقسيم عند الرجاليين والمحدّثين وأصحاب الفهارس منذ القدم ، بل إنّ الأقسام التي عندهم تربو على ذلك بكثير ، كما أوضحنا ذلك في تضاعيف الكتاب سابقاً.
والشاهد على ذلك هو أنّ علماء الدراية في كتبهم المستحدثة ربّما ينهون أقسامها إلى ما يربو على الأربعين ، يستشهدون على وجود هذه الأقسام بالألفاظ الخاصّة الواردة في تراجم الرواة ووصف حديثهم ، أو في كتب الفهارس والحديث القديمة ، لا أنّ تلك الأقسام مقترحة من قبل علماء الدراية ، ومبادرة منهم لتصنيف الأحاديث ، من دون وجود صفات متميّزة في واقع الحديث ، إمّا بلحاظ سند الحديث أو متنه أو جهة صدوره أو غير ذلك ، دلّل عليها أصحاب كتب الحديث والرجال والفهارس القديمة ، وقد قدّمنا في طيّات البحث عند الإشارة إلى هذا المطلب شطراً من كلمات التراجم والرواة والمحدّثين ، ممّا يشير إلى كثرة تصنيفهم الحديث إلى أقسام عديدة ، ويكفي للمتتبّع المرور على تعابير تراجم الرواة وتعابير أصحاب الكتب الأربعة مثلاً في طيّات كلامهم عن ردّ حديث أو الأخذ بآخر.