أولاه الأصحاب تجاهه.
النقطة الثالثة : إنّ في عدّة من الروايات المتقدّمة سواء التي رواها هو أو التي رواها غيره فيه دالّة على شدّة حرص منه في هذا الباب ، تكاد تؤدّي به إلى العجلة والتسرّع المذمومة في مثل هذا الباب الخطير ، نظير ما ذكره هو عن نفسه من إذاعة شفاء عينه بمسح الإمام الجواد عليهالسلام ، وقد أمر بكتمانه ، ومثل أنباء صاحب المولود بأن ولده سيموت ، ومؤاخذة الأصحاب على تسرّعه في الكشف عن ذلك ، وكذا ما ذكره الراوي من أنّه كنّا ندخل مسجد الكوفة وكان ينظر إلينا محمّد بن سنان وقوله : «من أراد المعضلات فإليّ» فإنّ البروز إلى العلن في مثل ذلك ليس من حكمة هذا الباب ، مضافاً إلى ما عرفت في أنّ المخالطة لكلّ من يطرق هذا الباب لمن هبّ ودبّ وممّن كان له شذوذ يفتح باب الطعن على الإنسان ، ويخشى من معرضيّة الزلل ، ولعلّ من هذا القبيل ما روى الكشّي إنّه رأى في بعض كتب الغلاة وهو كتاب الدور عن الحسن بن علي ، عن الحسن بن شعيب ، عن محمّد بن سنان ، قال : دخلت على أبي جعفر عليهالسلام فقال لي :
«يا محمّد ، كيف أنت إذا لعنتك وبرئت منك وجعلتك محنة للعالمين أهدي بك من أشاء وأضلّ بك من أشاء» قال : قلت له : تفعل بعبدك ما تشاء إنّك على كلّ شيء قدير.
ثمّ قال : «يا محمّد ، أنت عبد قد أخلصت لله إنّي ناجيت الله فيك فأبى إلّا أن يضلّ بك كثيراً ويهدي بك كثيراً» (١) ، وإن كان قد يُحمل هذا الكلام على محمل آخر صحيح.
__________________
(١). الكشّي : الحديث ١٠٩١.