حسن جميل ، فلو بعثت رجالا من أصحابك إلى أهل نجد فدعوهم إلى أمرك رجوت أن يستجيبوا لك.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : إني أخشى عليهم أهل نجد! فقال أبو براء : أنا لهم جار ، فابعثهم فليدعوا الناس إلى أمرك.
فبعث رسول الله «صلى الله عليه وآله» المنذر بن عمرو أخا بني ساعدة المعنق (١) ليموت في أربعين رجلا من أصحابه من خيار المسلمين ؛ منهم الحارث بن الصمة ، وحرام بن ملحان أخو بني عدي النجار ، وعروة بن أسماء بن الصلت السلمي ، ونافع بن بديل بن ورقاء الخزاعي ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ؛ في رجال مسمين من خيار المسلمين (٢).
فحدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : حدثني محمد بن إسحاق ، عن حميد الطويل ، عن أنس بن مالك ، قال : بعث رسول الله «صلى الله عليه وآله» المنذر بن عمرو في سبعين راكبا ، فساروا حتى نزلوا بئر معونة ـ وهي أرض بين أرض بني عامر وحرة بني سليم ، كلا البلدين منها قريب ، وهي إلى حرة بني سليم أقرب ـ فلما نزلوها بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلى عامر بن الطفيل ، فلما أتاه لم ينظر في كتابه ، حتى عدا على الرجل فقتله ، ثم استصرخ عليهم بني عامر ، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم إليه ، وقالوا : لن نخفر أبا براء ، قد عقد لهم عقدا وجوارا.
فاستصرخ عليهم قبائل من بني سليم : عصيّة ، ورعلا ، وذكوان ،
__________________
(١) المعنق : المسرع ؛ وإنما سمي بذلك لأنه أسرع إلى الشهادة.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٣ ص ١٧٤.