وأعجزناهم ، فرجعوا ، وقد استترت دونهم بأحجار حين دخلت الغار ، وقلت لصاحبي : أمهلني حتى يسكن الطلب عنا ؛ فإنهم والله ليطلبنّا ليلتهم هذه ويومهم هذا حتى يمسوا.
قال : فو الله ، إني لفيه إذ أقبل عثمان بن مالك بن عبيد الله التيمي ، يتخيل (١) بفرس له ، فلم يزل يدنو ويتخيل بفرسه حتى قام علينا بباب الغار ، قال : فقلت لصاحبي : هذا والله ابن مالك ، والله ، لئن رآنا ليعلمن بنا أهل مكة.
قال : فخرجت إليه ؛ فوجأته بالخنجر تحت الثدي ، فصاح صيحة أسمع أهل مكة ، فأقبلوا إليه ، ورجعت إلى مكاني ، فدخلت فيه وقلت لصاحبي : مكانك.
قال : واتّبع أهل مكة الصوت يشتدون ، فوجدوه وبه رمق ، فقالوا : ويلك ، من ضربك؟
قال : عمرو بن أمية ، ثم مات ، وما أدركوا ما يستطيع أن يخبرهم بمكاننا ؛ فقالوا : والله ، لقد علمنا : أنه لم يأت لخير ، وشغلهم صاحبهم عن طلبنا ؛ فاحتملوه.
ومكثنا في الغار يومين ، حتى سكن عنا الطلب.
ثم خرجنا إلى التنعيم ، فإذا خشبة خبيب ؛ فقال لي صاحبي : هل لك في خبيب تنزله عن خشبته؟!
فقلت : أين هو؟
قال : هو ذاك حيث ترى.
__________________
(١) يتخيل : أي يعجب بنفسه.