في فناء شعب ، فأسندنا فيه.
فقلت لصاحبي : انطلق بنا إلى دار أبي سفيان ؛ فإني محاول قتله ؛ فانظر ؛ فإن كانت مجادلة ، أو خشيت شيئا ؛ فالحق ببعيرك ، فاركبه ، والحق بالمدينة ، فأت رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فأخبره الخبر ، وخل عني ، فإني رجل عالم بالبلد جريء عليه ، نجيب الساق.
فلما دخلنا مكة ، ومعي مثل خافية النسر ـ يعني : خنجره ـ قد أعددته ، إن عانقني (١) إنسان قتلته به ، فقال لي صاحبي : هل لك أن نبدأ ؛ فنطوف بالبيت أسبوعا ، ونصلي ركعتين؟!
فقلت : أنا أعلم بأهل مكة منك ، إنهم إذا أظلموا رشوا أفنيتهم ، ثم جلسوا بها ، وأنا أعرف بها من الفرس الأبلق.
قال : فلم يزل بي حتى أتينا البيت ؛ فطفنا به أسبوعا ، وصلينا ركعتين ثم خرجنا ، فمررنا بمجلس من مجالسهم ، فعرفني رجل منهم ؛ فصرخ بأعلى صوته : هذا عمرو بن أمية!
قال : فتبادرتنا أهل مكة ، وقالوا : تالله ما جاء بعمرو خير ، والذي يحلف به ما جاءنا قط إلا لشر.
وكان عمرو رجلا فاتكا ، متشيطنا في الجاهلية.
قال : فقاموا في طلبي وطلب صاحبي ، فقلت له : النجاء ، هذا والله الذي كنت أحذر ، أما الرجل فليس إليه سبيل ، فانج بنفسك.
فخرجنا نشتد ، حتى أصعدنا في الجبل ؛ فدخلنا في غار فبتنا فيه ليلتنا ،
__________________
(١) ابن الأثير : عاقني.