فكان معاوية بن أبي سفيان يقول : حضرته يومئذ فيمن حضره مع أبي سفيان ؛ فلقد رأيته يلقيني إلى الأرض فرقا من دعوة خبيب.
وكانوا يقولون : إن الرجل إذا دعي عليه فاضطجع لجنبه زالت عنه.
قال ابن إسحاق : حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير ، عن أبيه عباد ، عن عقبة بن الحارث ، قال : سمعته يقول : ما أنا ـ والله ـ قتلت خبيبا ، لأني كنت أصغر من ذلك. ولكن أبا ميسرة أخا بني عبد الدار ، أخذ الحربة ، فجعلها في يدي ، ثم أخذ بيدي ، وبالحربة ، ثم طعنه بها حتى قتله.
وكان عمر بن الخطاب قد استعمل سعيد بن عامر بن حذيم على بعض الشام ، وكانت تصيبه غشية ، فقيل لعمر ، فسأله عن ذلك ، فقال : إنه كان فيمن حضر خبيبا حين قتل ، وسمع دعوته ، فكان إذا ذكرها غشي عليه.
قال ابن هشام : أقام خبيب في أيديهم حتى انقضت الأشهر الحرم ، ثم قتلوه.
وروي عن ابن عباس : أن المنافقين قالوا في هذه المناسبة : يا ويح هؤلاء المفتونين الذين هلكوا ، لا هم قعدوا في أهليهم ، ولا هم أدّوا رسالة صاحبهم.
فأنزل الله تعالى في ذلك من قول المنافقين ، وما أصاب أولئك النفر من الخير بالذي أصابهم ، فقال سبحانه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أي لما يظهر من الإسلام بلسانه (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ) وهو مخالف بما يقول بلسانه (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ) أي ذو جدال إذا كلمك وراجعك.