وقالت أيضا : قال لي حين حضره القتل : ابعثي إليّ بحديدة أتطهر بها للقتل.
قالت : فأعطيت غلاما من الحي الموسى ، فقلت : أدخل بها على هذا الرجل البيت.
قالت : فما هو إلا أن ولى الغلام بها إليه.
فقلت : ماذا صنعت؟! أصاب ـ والله ـ الرجل ثأره بقتل هذا الغلام فيكون رجلا برجل.
فلما ناوله الحديدة أخذها من يده ، ثم قال : لعمرك ، ما خافت أمك غدري حين بعثتك بهذه الحديدة إلي؟ ثم خلى سبيله.
قال ابن هشام : ويقال : إن الغلام ابنها «وسماه بعضهم : أبا حسين بن الحارث بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ، كما في شرح المواهب».
قال ابن إسحاق : ثم خرجوا بخبيب ، حتى إذا جاؤوا به إلى التنعيم ليصلبوه ، طلب منهم السماح له بصلاة ركعتين ، فسمحوا له ، فصلاهما ، ثم قال لهم : أما والله لو لا أن تظنوا : أني إنما طولت جزعا من القتل ، لاستكثرت من الصلاة.
فكان خبيب بن عدي أول من سن هاتين الركعتين عند القتل للمسلمين.
قال : ثم رفعوه على خشبة فلما أو ثقوه ، قال : اللهم إنّا قد بلغنا رسالة رسولك ، فبلغه الغداة ما يصنع بنا.
ثم قال : اللهم احصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تغادر منهم أحدا ، ثم قتلوه «رحمه الله».