اذهبوا ؛ فأنتم الطلقاء.
مع أنهم قد حاربوه ، ونابذوه على مدى سنوات طويلة ، وقتلوا ، أو تسببوا في قتل الكثيرين من الخيرة من أهل بيته وأصحابه.
وقد وصف القرآن الكريم حالته ومشاعره هذه بأنه : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ ، حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ، بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ)(١).
بل لقد كانت نفسه تذهب حسرات عليهم ، حتى لقد قال الله تعالى له : (فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ)(٢).
وقال مخاطبا إياه : (فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً)(٣).
نعم .. وهو هو شأن المسلم الأول ، وتلك هي تعاليم الإسلام والتربية الإلهية الخالصة ، التي تسمو بالإنسان عن أن يكون أسير انفعالاته وأحقاده ، وتفتح أمامه الآفاق الرحبة ، ليعيش الحياة بكل صفائها ونبلها ، وبكل كمالاتها ومواهبها ، لا تقيده قيود ، ولا تحده حدود.
أول وافد على رسول الله صلّى الله عليه وآله :
ويقولون : إنه في السنة الخامسة قدم على رسول الله «صلى الله عليه وآله» بلال بن الحارث ، في أربعة عشر رجلا من مزينة ، فأسلموا. وكان أول وافد مسلم بالمدينة.
__________________
(١) الآية ١٢٨ من سورة التوبة.
(٢) الآية ٨ من سورة فاطر.
(٣) الآية ٦ من سورة الكهف.