كان لابد من الحكم ، وإلا فإن الإعراض عنهم ، حيث يكون هذا الحكم في معرض الاغتيال والتآمر هو أيضا لا حرج فيه ، ما دام أنهم قد تآمروا على هذا الحكم سلفا ؛ بهدف اغتياله ، بل وحتى التمرد عليه بصورة علنية وفاضحة.
فيكون حكم النبي فيما بينهم خاضعا لما يراه مفيدا للإسلام ، وللمسلمين ، ويساهم بشكل أو بآخر في فضيحتهم وخزيهم ، وإبطال تآمرهم في الدنيا ، ثم لهم في الآخرة عذاب عظيم ، تماما كما قال تعالى : (لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ)(١).
وبعد كل ما تقدم فإن هذه الآيات تفيدنا : أنه لا مجال للمهادنة ولا للمساومة مع أحد أيا كان على حساب الدين ، والحق ، وأنه لا يمكن التنازل عن الأحكام الإلهية في مجال التشريع ، استجابة لحالات طارئة ، ولضغوطات معينة. وإن كان قد الواقع يفرض عدم التوسل ببعض الوسائل العنيفة لفرض الحكم الإلهي وتطبيقه أو انتظار الفرصة المناسبة من أجل ذلك.
وفقنا الله للسير على هدى القرآن ، والالتزام بتعاليمه ، والاهتداء بنوره ، إنه ولي قدير ، وبالإجابة جدير.
__________________
(١) الآية ٣٣ من سورة المائدة.