وإن هذين الأمرين أعني : قلة عقولهم ، وصيرورتهم أدوات طيعة مسلوبة الاختيار بأيدي الطامعين والمفسدين ،
وأيضا .. انسلاخهم عن الخصائص الإنسانية ، وعن الالتزام بالمبادئ ، بسبب حبهم للمال ، حتى لو كان ثمنه هو أن يسحت دينهم ومروءتهم ويلزمهم العار ،
إن ذلك من أهم العوامل لتبديد كل الجهود الخيرة ، وإحباط كل الأعمال الجهادية والتضحيات الكبيرة في سبيل إعلاء كلمة الحق ، والعدل ، وتعميق جذور شجرة الإسلام المباركة ، لتنمو باسقة وارفة الظلال ، عزيزة الشموخ.
الثاني : إننا نلاحظ : أن القرآن الكريم حين يستنكر تحاكمهم للنبي «صلى الله عليه وآله» ، إنما يستنكر أن يكون قصدهم من ذلك هو الوصول إلى الحق ، والحصول على الحكم العدل ، إذ لو كان الأمر كذلك لما احتاجوا إلى التحاكم إليه «صلى الله عليه وآله» ؛ لأن حكم هذه القضية ـ سواء أكانت هي قضية الرجم ، أو هي قضية القود ؛ التي نميل إلى أنها هي مورد نزول الآية ـ إن حكم هذه القضية واضح وجلي في التوراة التي عندهم ، وهي واضحة الدلالة على هذا الحكم.
وهم إنما يقبلون بالتحاكم إليه «صلى الله عليه وآله» من أجل تحقيق مآربهم في الابتعاد عن حكم الله ، حسب ظنهم ، حتى إذا ما أحسوا بأن الحكم سوف يأتي موافقا لما عرفوه من حكم الله في التوراة نجد لديهم التصميم والتآمر والتمرد سلفا على هذا الحكم الإلهي ، حتى قبل صدوره.
فتواجههم الإرادة الإلهية بالإصرار على إقامة حكم الله سبحانه ، إن