ودخل الشيخ زين الدين حماة فأخذ بها عن شيخ الإسلام العارف بالله تعالى سيدي علوان الحموي وأخذ هو عنه وصاحبه صحبة أكيدة حتى كان يرسل إليه وهو بحلب مطالعات يشكو فيها خواطر لنفسه ، فيجيبه عنها بأجوبة شديدة على النفس فيتلقاها بالقبول ولا يخفيها كأنه ينادي بها على نفسه. وقد حكى هو لشيخنا جار الله أن بعض تلامذة الشيخ جمعها في كراسة فكتب الشيخ عليها عند رؤيتها : «تشنيف الأسماع بما سئل عنه الفقير عمر بن الشماع» مظهرا للشيخ جار الله الاغتباط بها. ومما دل على أخذ سيدي علوان عنه ما أنشدنيه شيخنا له رواية عنه :
استبق للخير تغنم |
|
وارحم الخلق لترحم |
قد روينا في حديث |
|
مسند ليس يكتّم |
إنما رب البرايا |
|
لأولي الرحمة يرحم |
نجل شماع رواه |
|
وروينا عنه فافهم |
من طريق عن فريق |
|
سلسلوه فتقدّم |
وبالجملة فقد أكثر من الشيوخ والأخذ عمن دب ودرج حتى استجيز لأهل مكة ، فكتب لهم سنة ثلاث وثلاثين إجازة منطوية على استدعاء سطره الشيخ جار الله وضمنها أن شيوخه بالسماع والإجازة الخاصة قد زادوا على المائتين وأن شيوخه بالإجازة العامة مع الأولين ثلاث مائة مع قبول الزيادة عليها.
وكان لا يخل بالرواية والإسماع إذا حضر إليه جماعة ، ويكتب طبقتهم عنده مثبتا ما سمعوه عليه وأجاز لهم إياه.
وقد نظم ونثر وألف واختصر ، فمن أول ما ألفه ونظمه تخميس منظومة السهيلي التي مطلعها :
يا من يرى ما في الضمير ويسمع |
|
أنت المعد لكل ما يتوقع |
وسماه «باللمعة النورانية في تخميس السهيلية» ، وأكثر من التبرع بنسخ منه بخطه لأصحابه وبالإجازة به لصفاء خاطره. وتناوله منه ذات يوم سيدي علوان وقرأ صدره فتبسم ، ثم أنشده من نظمه قصيدة تشتمل على فوائد وحكم ثم قال : لما نظمت هذه القصيدة عرضتها على سيدي علي بن ميمون قدس الله سره فنظر إلى موضع منها أعني من