إليه عباءة كان يلبسها وعراقية وشيئا من ماء زمزم. ونقل شيخنا جار الله بن فهد المكي أنه لبس خرقة التصوف من يد سيدي محمد بن عراق ولقنه الذكر ، وأنه لما مات حزن عليه كثيرا وجمع ترجمته مع بعض كراماته الشهيرة.
ورحل إلى القاهرة وعني فيها بالأخذ عن علمائها لا سيما العلم المشهور الجلال السيوطي فإنه أكثر من الأخذ عنه والالتقاط من كتبه المهمة وتأليفاته الجمة. وكان الجلال النصيبي يدفع إليه على يده مسائل مشكلة ليرفع له إشكالها ويقول له : لا تعرضها على غيره فإني أعرف مقام غيره في العلم بالنسبة إليه.
ومن أعظم من أخذ عنه بالقاهرة قاضي القضاة زكريا الأنصاري ، وكان من حاله معه أول اجتماعه به أنه قال له : ما اسمك؟ فقال عمر ، قال شيخنا : فترنم لسماع هذا الاسم ثم قال : والله يا سيدي أنا أحب سيدي عمر بن الخطاب رضياللهعنه وأحب من اسمه عمر لأجل سيدي عمر ، قال : ثم ذكر لي مناما رآه حاصله أنه رأى سيدنا عمر ابن الخطاب رضياللهعنه في منامه وهو طوال ، قال : فقلت له : اجعلني في صدرك أو في قلبك ، فقال له سيدنا عمر رضياللهعنه : يا زكريا أنت عين الوجود ، ثم ذكر أنه استيقظ وهو يجد لذة هذه الكلمة.
قال شيخنا : ثم ذكر لي أيضا أنه اختصم شخصان من أمراء الدولة في الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض صاحب الديوان المشهور فقال أحدهما : هو ولي الله تعالى ، وقال الآخر : هو كافر ، وأن القائل بكفره كتب صورة سؤال في كفره وطلب منه الكتابة ، قال : فامتنعت من ذلك واعتذرت بأن القول بكفر مسلم فيه خطر ، قال : فلما سمع القائل بولايته بذلك طمع في الكتابة بولايته ، فكتب صورة سؤال يطلب الكتابة بولايته ، فامتنعت أيضا واعتذرت بأن الجزم بولاية من لا تتحقق ولايته فيه خطر أيضا ، فلم يقنع به بل طلب الكتابة وترك السؤال عندي ، فذهبت بعد صلاة الجمعة إلى الجامع الأزهر لزيارة شخص كنت أعتقده لأستشيره في الكتابة بالولاية ، فلما رآني ابتدرني قبل أن أكلمه يقول : نحن مسلمون أم لا؟ قلت له : بل أنتم من خيار المسلمين ، قال : فما الذي يوقفك عن الكتابة؟ فقلت له : كنت انتظر هذا الإذن ، قال : ثم فتح علي بكتابة عظيمة في القول بولايته. قال الشيخ زين الدين : هذا محصل ما سمعته من لفظه.