وبين شاه إسمعيل ، فضمنا له ذلك وهو لم يدر ما هنالك ، ثم جهل فبعث مع رسول خفية إلى شاه إسماعيل كتابا يتضمن إني معينك عليه وممسك قطري حذرا من أن يغزو (١) إليه ، فظفر السلطان سليم شاه بكتابه بعد أن رد إليه رسوليه ردا جميلا ، فهم بمبارزته ، وصار الغوري بعد ردا في اضطراب هو وجميع عسكره ، فأرسل كرتباي لكشف الأخبار فعاد هاربا يخبر ببلوغ السلطان سليم شاه إلى حد المملكة الغورية وتسليمه بالأمان مثل عينتاب والبيرة وملطية وغيرها ، فنادى بالرحيل لمبارزته. ورحل في النصف الأخير من رجب من السنة المذكورة إلى مرج دابق وصحب معه أيضا قضاة حلب إلّا عمّي الكمال الشافعي فإنه تمارض فتخلف بها ، وصحب معه جماعة من الصوفية منهم الخاتوني ومعهم الربعات والأعلام ومظهرا أنه بصدد الإصلاح بين السلاطين ، وصار الذباب يعلو ظهور عسكره عن كثرة زائدة يوم رحيل عسكره عن حلب حتى تفطن له الناس وتطيروا من ذلك حتى كان ما كان من انكسارهم. فلما وصل بمن معه إلى المرج مشرفا على الهرج والمرج عرض عليه عسكره فاستقله واشتدت مخافته ، ثم وقعت به مكيدة هي أنه ربط في ليلة من الليالي سطل أو جرص من النحاس في ذنب فرس وأطلق عليهم راكضا وهم نيام فأفزعهم بحيث ظنوا إلمام عدوهم بهم ، فعند ذلك طلب وضوءا فتوضأ وفرسا فأحضر له فاستصعب عليه فبدله بغيره فركبه وسار إلى أن التقي الجيشان وقامت الحرب على ساق وثار الغبار وارتفعت أدخنة المكاحل الرومية في سائر الأقطار ، فأمر بضرب خيمة ليقضي بها الحاجة فمنعوه ، فأمر برفع المصاحف على رؤوس الرجال وجعل يعض على إصبعه إلى أن اضطرب فرسه من هول المكاحل فلاقى قربوس السرج أنثييه وكان بهما قيل فسقط مغشيا عليه فنقله بعض خواصه إلى مكان عزلة فمات به فتركه فيه ولم يظهر خبره. وقيل إنه سقط ميتا موت الفجأة ، فتمزق عسكره وتفرق ووقع به السفك والفتك وذلك في الخامس والعشرين من الشهر المذكور.
ثم دخل حلب من بقي من عسكره في اليوم الثاني فما بعده ليلا ونهارا ، ووقع الرأي بعد وصول خير بك ودخوله دار العدل على توجهه وتوجه من بقي إلى الشام ، فتوجهوا وتحقق أوباش الناس وفاة سلطانهم فأوقعوا النهب فيمن تخلف عن التوجه إلى الشام ، ودخلوا
__________________
(١) في «در الحبب» : يفر.