وهذان البيتان للشيخ برهان الدين ابن أبي شريف وهما أحسن ما قيل في الرد.
ولما أن بادره قديما ملك الروم السلطان سليم شاه وكسر عسكره وفر هو منه فدخل تبريز قهرا عليه ، وكان معه الشيخ شمس الدين الواعظ المشهور بمنلا عرب الآتي ذكره ، فوعظ بها الناس وأفصح بأعلى لسان على مذمة الشيعة ، ثم عاد إلى تخته.
ثم صمم عزمه كرة أخرى فخرج من القسطنطينية لمبارزته ، فبلغ الغوري ذلك فهم بالنزول إلى حلب قصدا منه في الظاهر إلى الإصلاح بينهما وفي الباطن إلى إعانة شاه إسماعيل عليه خوفا منه على ملكه من السلطان سليم شاه ، فوصلت أوائل عسكره إلى حلب في أوائل سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة ، ثم لم تزل تتوارد شيئا فشيئا إلى أن وصل هو بخواصه وباقي عسكره فدخل حلب يوم الخميس عاشر شهر جمادى الآخرة من السنة المذكورة من باب المقام متوجها إلى الميدان الأخضر في موكب عظيم وأبهة زائدة ومعه جم غفير من الأمراء ومقدمي الألوف وعدتهم كما سمعنا ستة عشر مقدم ألف وصحبته القضاة الأربعة والخليفة المتوكل على الله العباسي وجماعة من مشايخ الصوفية ذوي الأتباع بما معهم من الأعلام وخير بك كافل حلب بجواره القبة والطير ، فنزل بالميدان المذكور. ثم حضرت إليه وهو بحلب كفّال مملكته بعساكرها.
والعجب أنه منذ خرج من التخت لم يشك أحد ممن يشتكي إليه (١) من ظلم كفّاله ، بل ضرب من شكا إليه من ظلم بذاق كافل حمص ورد من شكا إليه من ظلم سيباي كافل دمشق ، وكان من ظلمه أنه أحضر رجلا وامرأته فقال : بلغني أنك زنيت بها ، فقال له : من يدعي عليّ؟ فقال : أنا ، فقال : إنها بكر وهي زوجتي ، فقال : لا أعرف ذلك ، وأخذ ماله. وكان اللائق به أن ينشر معدلته ويطوي مظلمته ويجلب إلى حبه القلوب ويأخذ فيما هو عند الرعية أمر مرغوب.
وكان السلطان سليم شاه قد عجب من أخذه في النزول إلى حلب إذ لم يبد له عنده سبب ، فأرسل إليه قاضي عسكره زيرك زاده وقراجا باشا بهدية ليكشفوا له حقيقة أمره ، فما استقر هو في حلب إلا وقد وردا ووفدا عليه فأكرم مثواهما ، ثم إنهما اجتمعا به وحده فألانا له القول مخادعة ، فظن أنه على شيء تم به وبالخليفة ، فطلب الصلح بين مرسلهما
__________________
(١) في مطبوعة در الحبب : ... لم يشك أحدا ممن شكا إليه ..